لمحة الاخباري _بقلم الأديب عدنان فيصل قازان
منذُ اللّحظةِ الأولى للعدوانِ على غزةَ، برزَ الأردنُّ بقيادةِ جلالةِ الملك عبدِاللهِ الثاني ابنِ الحسينِ كصوتٍ قويٍّ ومؤثِّرٍ يدافعُ عن فلسطينَ وحقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ، هذا التحركُ الفوريُّ لم يكن مُجَرَّدَ موقفٍ سياسيٍّ، بل جاءَ ضمنَ رؤيةٍ شاملةٍ لفكرِ جلالةِ الملكِ الذي يؤمنُ بأنَّ تحقيقَ العدالةِ والسلامِ في المنطقةِ يبدأُ من إنهاءِ الظلمِ الواقعِ على الفلسطينيينَ وإقامةِ دولتِهم المستقلّةِ، وكانت مواقفُ الملكِ منذ البدايةِ واضحةً وثابتةً؛ فلسطينُ ليست مُجَرَّدَ قضيةٍ إقليميةٍ، بل هي قضيةٌ إنسانيةٌ وأردنيةٌ في المقامِ الأوّلِ.
تحرّكَ جلالتُه على مدارِ الأزمةِ من خلالِ 90 اتصالًا هاتفيًّا مع قادةِ العالمِ، حثَّ فيها على وقفِ العدوانِ وتخفيفِ معاناةِ الشعبِ الفلسطينيِّ، إلى جانبِ هذا، قامَ جلالتُه بـ 30 زيارةِ عملٍ إلى عواصمَ مختلفةٍ، حيثُ حملَ الملكُ قضيةَ غزةَ إلى كلِّ محفلٍ دوليٍّ، مؤكدًا أنَّ إنهاءَ الاحتلالِ وتحقيقَ حلِّ الدولتينِ هما السبيلُ الوحيدُ لتحقيقِ الاستقرارِ.
إلى جانبِ هذه الجهودِ، قادَ جلالةُ الملكِ 180 لقاءً دبلوماسيًّا جمعَ فيه قادةَ الدولِ والمسؤولينَ من مختلفِ أنحاءِ العالمِ، في محاولةٍ لتوحيدِ المواقفِ الدوليةِ والعربيةِ تجاهَ وقفِ العدوانِ على غزةَ ودعمِ الشعبِ الفلسطينيِّ، كانت هذه اللقاءاتُ جزءًا لا يتجزّأ من الجهودِ الأردنيةِ لخلقِ جبهةٍ دوليةٍ مشتركةٍ تدعمُ حقوقَ الفلسطينيينَ في محنتِهم.
وفي خطابهِ أمامَ الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ، أظهرَ جلالةُ الملكِ موقفَه الثابتَ تجاهَ فلسطينَ، مؤكدًا أنَّ الأردنَّ لن يكونَ وطنًا بديلًا أبدًا، وأنَّ العدالةَ للفلسطينيينَ تتحقّقُ فقط من خلالِ دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ، كما عبَّرَ عن استيائهِ من الوعودِ الدوليةِ التي لا تترجمُ إلى أفعالٍ، مشيرًا إلى أنَّ التصريحاتَ بخصوصِ حلِّ الدولتينِ “لا تسمنُ ولا تغني من جوعٍ” ما لم تتحوَّلْ إلى خطواتٍ عمليّةٍ، هذا الخطابُ الذي عبَّرَ فيه جلالةُ الملكِ عن حزنهِ وغضبهِ تجاهَ الظلمِ العالميِّ، كان بمثابةِ دعوةٍ للمجتمعِ الدوليِّ للتصدي لسياساتِ الاحتلالِ والوقوفِ مع الشعبِ الفلسطينيِّ.
لم يكن دورُ الأردنِّ محصورًا في الجانبِ الدبلوماسيِّ فقط، بل شملت الجهودُ الأردنيةُ تقديمَ المساعداتِ الإنسانيةِ العاجلةِ إلى غزةَ، تمَّ إرسالُ 31 ألفَ طنٍ من المساعداتِ عبرَ 1,865 شاحنةً، إضافةً إلى تنفيذِ 358 عمليةَ إنزالٍ جويٍّ إلى حد هذه اللحظة، هذه المساعداتُ تضمنت الغذاءَ، الأدويةَ، والموادَّ الطبيةَ التي كانت غزةَ بأمسِّ الحاجةِ إليها، كما أقامتْ الأردنُ مستشفياتٍ ميدانيةً لمساعدةِ الجرحى والمصابينَ، مؤكدةً على دورِها المحوريِّ في تخفيفِ المعاناةِ الإنسانيةِ.
إلى جانبِ جهودهِ الدوليةِ، سعى جلالةُ الملكِ إلى تعزيزِ الوحدةِ العربيةِ تجاهَ قضيةِ فلسطينَ، رغمَ الانقساماتِ الإقليميةِ، نجحَ الملك عبدالله في جعلِ فلسطينَ أولويةً عربيةً، ودعا إلى تنسيقِ الجهودِ بينَ الدولِ العربيةِ لدعمِ حقوقِ الفلسطينيينَ، الأردنُ بقيادةِ جلالتِهِ، أظهرَ التزامهُ الراسخَ بدورهِ التاريخيِّ في حمايةِ المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ في القدسِ، وهو ما يعكسُ التزامَهُ بالدفاعِ عن الهويةِ الفلسطينيةِ وحقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ في مواجهةِ محاولاتِ الاحتلالِ لطمسِ الهويةِ الفلسطينيةِ.
جلالةُ الملكِ عبدالله الثاني يرى أنَّ العدالةَ في فلسطينَ ليست مسألةً سياسيةً فحسبُ، بل هي قضيةٌ حقوقُ إنسانيةٍ تتعلقُ بالقانونِ الدوليِّ، هذه الرؤيةُ تتماشى مع فكرِه الداعي إلى إصلاحِ النظامِ الدوليِّ وجعلهُ أكثرَ عدالةً وشفافيةً، حيثُ أكّدَ جلالتُه في خطابهِ أنَّ النظامَ الدوليَّ بحاجةٍ إلى إصلاحٍ ليكونَ منصفًا للجميعِ، وليسَ فقط خاضعًا لمصالحِ القوى الكبرى، الأردنُ بقيادةِ الملكِ عبد اللهَ الثاني، يقفُ دائمًا في صفِّ الشعوبِ المستضعفةِ، ويرفضُ الهيمنةَ السياسيةَ التي تعرقلُ تحقيقَ العدالةِ.
بالرغمِ من التحدياتِ الكبرى التي يواجهها الأردنُّ، سواءً من الناحيةِ الأمنيةِ أو الاقتصاديةِ، يظلُّ جلالةُ الملكِ عبداللهَ الثاني ثابتًا في دعمهِ للقضيةِ الفلسطينيةِ، هذه الشجاعةُ في مواجهةِ الضغوطاتِ العالميةِ والإقليميةِ تعكسُ التزامَ الملكِ بمبادئِ الحقِّ والعدالةِ، واستعدادهُ للتضحيةِ من أجلِ القضايا الإنسانيةِ، رغمَ كلِّ الصعوباتِ التي تواجهُ المملكةَ.
في النهايةِ، لا يمكنُ إغفالُ الدورِ الحيويِّ الذي يلعبهُ الأردنُ بقيادةِ جلالةِ الملكِ عبدالله الثاني -حفظه الله- في الدفاعِ عن غزةَ وفلسطينَ، كانت وما زالت القضيةُ الفلسطينيةُ قضيةً محوريةً في فكرِ الملكِ وجهودهِ على الساحةِ الدوليةِ، ويظلُّ الأردنُ حليفًا ثابتًا للشعبِ الفلسطينيِّ، يسعى بكلِّ ما أُوتيَ من قوةٍ لتحقيقِ العدالةِ وإنهاءِ الاحتلالِ، ليكونَ بذلك نموذجًا عالميًّا في الوقوفِ إلى جانبِ الحقِّ والعدالةِ الإنسانيةِ، الأردنُ بقيادةِ الملكِ عبدالله الثاني، أثبتَ أنهُ صوتُ العدالةِ في عالمٍ يتزايدُ فيه الظلمُ والانقساماتُ، يدعو إلى نظامٍ دوليٍّ يقومُ على أسسِ القانونِ والمساواةِ.