أكد الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي أن الحديث عن وجود 9.3 تريليون قدم مكعب من احتياطي الغاز في حقل الريشة كما ورد في تصريحات الحكومة، يحملها مسؤوليات كبيرة، مشيرا إلى أن هذه الكمية تكفي لتلبية احتياجات الأردن من الغاز لمدة 80 عاما.وأضاف أن القيمة السوقية لهذه الكمية من الغاز تقدر بحوالي 70 مليار دولار،
واعتبر الشوبكي أن تصريحات الحكومة جاءت متسرعة لعدة أسباب، أبرزها أن حقل الريشة لا يزال في مرحلة الاستكشاف ولم يصل بعد إلى مرحلة التطوير والإنتاج، مبيناً أن التقديرات المتعلقة باحتياطي الغاز عادةً ما تتم في المراحل المتقدمة من تطوير الحقل، وهو ما يتيح للبلد المالك لهذا الحقل عرضه على الشركات للاستثمار.كما لفت الشوبكي إلى أن التصريحات الحكومية تتناقض مع بعض الإجراءات السابقة، مثل استئجار سفينة غاز عائمة ثانية والتي ستزيد من التكاليف الحكومية، والتي تُضاف إلى تكلفة السفينة الأولى التي تقدر بـ 60 مليون دولار سنويا.وأوضح أن هذه الزيادة في التكاليف لاستيراد الغاز المسال غير مبررة إذا كان هناك غاز محلي في الأردن، مضيفا أن استمرار استئجار السفينتين يكلف الدولة مبالغ طائلة، حيث إن السفينة العائمة الاولى كلفت لغاية الآن قرابة 495 مليون دولار وهو ضعف ثمن السفينة الكامل.كما دعا الشوبكي الحكومة لمحاسبة من أطلق هذه التصريحات غير المسؤولة، مؤكدا أن مثل هذه التصريحات قد تؤدي إلى تضليل المواطنين وإحداث تأثيرات سلبية على الساحة المحلية والعالمية، قائلاً إن هذه التصريحات تثير آمالاً غير واقعية وتضر بفرص الأردن في الحصول على منح ومساعدات خارجية، خصوصا من الدول المانحة الرئيسية.وأكد وأوضح الشوبكي أن حقل الريشة، حسب الكشوفات الرسمية، ينتج حاليا 16 مليون قدم مكعب من الغاز، وهو ما يشكل 3% فقط من حاجة المملكة اليومية التي تصل إلى 350 مليون قدم مكعب، مشيراً إلى أن التصريحات المتتالية حول حقل الريشة في السنوات الماضية بخصوص إمكانيات الإنتاج لم تظهر على أرض الواقع، كما ذكر أنه وقبل أربع سنوات، صرحت الحكومة بقدرتها على إنتاج 2000 برميل من النفط يوميا من حقل حمزة، لكن اتضح أن الإنتاج لا يتجاوز 200 برميل فقط، ولم يتم محاسبة المسؤولين عن هذه التصريحات.وفجر الشوبكي مفاجأة العام الماضي عندما اكتشف إغلاق حقل حمزة بشكل كامل من قبل الحكومة، وعندما طالب بإعادة تشغيله، اعترفت الحكومة بذلك وأصدرت وعودا بمعالجة المسألة، مؤكداً أن هذه الحوادث لا تعني أن الأردن يفتقر إلى ثروات الغاز والنفط، بل تعكس سوء الإدارة الذي أدى إلى عدم الاستفادة الكاملة من هذه الثروات.وأشار أيضاً إلى العديد من الاتفاقيات والوعود التي كانت بعيدة عن التطبيق، واعتبرها تضليلاً من الحكومة للمواطنين، مؤكداً أن تلك المشاريع الموعودة لم تحدث أي تغيير ملموس على أرض الواقع، ابتداءً من مشروع إنتاج الفوسفات في المنطقة الشرقية الذي أُعلن عنه منذ خمس سنوات لكن لم يتم تنفيذ أي مشروع لتحقيق هذا الهدف حتى الآن، إضافة إلى تصريحات الاستفادة من اليورانيوم “الكعكة الصفراء” التي لم تحدث.وفي ختام حديثه، شدد الشوبكي على ضرورة أن تغيّر الحكومة من الواقع الاقتصادي في الأردن من خلال استثمار الثروات الطبيعية في باطن الأرض بصورة صحيحة، مما يترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع ويعود بالنفع على المواطنين في ظل الظروف المحلية والاقليمية والعالمية المعقدة