تخضع أجسامنا مع تقدمنا في العمر لسلسلة من التغييرات. وفي حين أن بعضها مرئي، يحدث البعض الآخر على المستوى الخلوي.
وكشفت أبحاث جديدة عن ارتباط مدهش بين جسم مضاد شائع وعملية الشيخوخة.
وتعد الأجسام المضادة جزءا أساسيا من جهاز المناعة، وأحد أهم الأجسام المضادة في الجسم هو الغلوبولين المناعي ج (IgG) والذي يساعد جهاز المناعة على محاربة العدوى.
ومع ذلك، تشير الدراسة الجديدة إلى أن الغلوبولين المناعي ج (IgG) المفرط يمكن أن يساهم في شيخوخة الخلايا والالتهاب المزمن.
وكتب الباحثون في ورقة بحثية: “تراكم الغلوبولين المناعي ج (IgG) عبر الأنسجة المسنة في كل من الفئران الذكور والإناث، ولوحظت ظاهرة مماثلة في الأنسجة البشرية، ما يشير إلى إمكانية الارتفاع غير الطبيعي للغلوبولين المناعي كسمة محفوظة تطوريا في الشيخوخة”.
وضم فريق الدراسة باحثين من الأكاديمية الصينية للعلوم، وBGI Research (أكبر منظمة لأبحاث الجينوم في العالم)، وجامعة Capital Medical في بكين، والعديد من المستشفيات في جميع أنحاء الصين، ومعهد Altos Labs San Diego للعلوم في الولايات المتحدة.
تراكم في الأنسجة
تدافع أجسامنا ضد مسببات الأمراض عن طريق إنتاج بروتينات وقائية تسمى الغلوبولين المناعي أو الأجسام المضادة. يمكن للغلوبولين المناعي ج (IgG)، وهو الجسم المضاد الأكثر انتشارا في مجرى الدم، أن يحيد السموم والفيروسات والبكتيريا.
وبحثت الدراسة الحديثة في تأثيرات الشيخوخة على سلامة الأنسجة ووظائف الأعضاء. وفحص الفريق تسعة أنسجة من فئران ذكور في مراحل مختلفة من الحياة. وشملت العينات أنسجة من المخ والحبل الشوكي والقلب والرئتين والكبد والأمعاء الدقيقة والطحال والعقد الليمفاوية والخصيتين.
ومن خلال فحص تسعة أنسجة من الفئران، حدد الباحثون مناطق معينة، تُعرف باسم البقع الحساسة للشيخوخة (senescence-sensitive spots)، أو اختصارا SSS، تتميز بالفوضى الخلوية وتراكم الغلوبولين المناعي.
ويمكن أن يؤدي هذا التراكم إلى تفاعل متسلسل، ما يؤدي إلى الشيخوخة الخلوية، حيث تتوقف الخلايا عن الانقسام وتبدأ في إطلاق مواد التهابية.
كما فحصوا عينات الأنسجة البشرية التي تم جمعها من العمليات الجراحية والأفراد المتوفين.
وكشفت الدراسة أن مستويات الغلوبولين المناعي ج تصاعدت مع التقدم في العمر لدى كل من الفئران الذكور والإناث، وكذلك في الأنسجة البشرية.
كما لاحظوا أن مستويات الغلوبولين المناعي ج المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى حالة التهابية وشيخوخة في الخلايا البلعمية (الخلايا المناعية المسؤولة عن إزالة الحطام)، وخلايا المخ المشاركة في التطور العصبي.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن “الباحثين لاحظوا أيضا أن الغلوبولين المناعي ج يمكن أن يحفز حالة الشيخوخة في الخلايا البلعمية والخلايا الدبقية الصغيرة، وبالتالي تفاقم شيخوخة الأنسجة”.
ومن المثير للاهتمام أن تقليل مستويات الغلوبولين المناعي ج في الفئران وجد أنه يخفف من آثار الشيخوخة عبر أنسجة متعددة.
ويعتقد الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها حول دور الغلوبولين المناعي ج في الشيخوخة يمكن أن تؤدي إلى علاجات جديدة تستهدف تراكم هذه الأجسام المضادة.
وأحد الأساليب المحتملة هو القضاء على الخلايا المسؤولة عن إنتاج هذه الأجسام المضادة. ومن خلال القيام بذلك، يأملون في تقليل مستويات الغلوبولين المناعي ج في الجسم وإبطاء عملية الشيخوخة. وقد يفتح هذا آفاقا جديدة لتطوير علاجات مضادة للشيخوخة.