حاولت أنيت أن تركز اهتمامها على المحافظة على حياتها وأن تتمالك أعصابها وتحشد قواها وتبعد نظرها عن الجثث وتتلهى بجمال الطبيعة.حاولت إشعال النار بولاعة كانت تحملها دائما معها لأنها كانت مدخنة شرهة، لكنها لم تفلح لأن كل ما حولها كان رطبا.غطت نفسها بعباءة للمطر عثرت عليها، وسحبت جسدها بصعوبة بالغة وبحثت عن طريقة للحصول على ماء للشرب. شاهدت قطع إسفنج تتدلى من حطام جناح الطائر. سحبت ساقيها بصعوبة إلى المكان وحصلت على قطعة إسفنج استخدمتها في جمع مياه الأمطار وتقطير الماء بواسطتها في فمها كل ساعتين.على مدى سبعة أيام حاولت أن تقتات بكل ما يمكن أن تعثر عليه في الجوار. الجوع الشديد أصابها بهلوسات حتى أنها فكرت في التهام لحم من جثث الموتى. نظرت إلى جثة رجل الاعمال الفيتنامي الذي تحدث إليه مواسيا ورمى إليها ببنطلون، واستبعدت الفكرة تماما.مرت عدة أيام وأنيت تتأرجح بين الحياة والموت. فقد جسمها 10 كيلو غرامات، وكانت تنام وتستيقظ وتراقب الوقت على ساعة يد رجل الأعمال الميت!في اليوم السابع سمعت صوت وقع خطر على الأخشاب وظنت أنها سقطت في حالة هلوسة. حدقت بانتباه شديد ورأت خيال رجل في البعيد اختفى بعد لحظات، واعتقدت أنه أحد القديسين.شرطي محلي يدعى كاو نان هانه تصادف أن مر بالمكان، واعتقد هو الآخر أنه قابل شبحا، لأنه لم ير في حياته من قبل امرأة بيضاء. اتصل الشرطي بالسلطات وأبلغهم عن حطام الطائرة. في اليوم التالي وصل رجال الإنقاذ إلى المكان وتنفست أنيت الصعداء.حملها ستة من رجال الإنقاذ إلى أسفل الجبل. كانت تبكي وهي تبتعد عن جثة خطيبها. تروي أنيت أن رجال الإنقاذ لم يعملوا كل ما بوسعهم لتهدئة روعها فقط، بل نزعوا أحذيتهم حتى لا تهتز بعنف على الحمالة أثناء الحركة.نقلت أنيت جوا إلى مدينة هوشي منه ثم إلى سنغافورة، حيث خضعت لعمليات جراحية عديدة، وأزيلت إحدى كليتيها وزرع جلد على مرفقيها، كما أجريت لها عملية جراحية على الفك وأنقذت من الغرغرينا.بعد مرور وقت طويل قضته في علاج كسورها الكثيرة في المستشفيات وزرع جلد في أكثر من منطقة في جسدها، علمت أنيت أن طائرة مروحية من طراز “مي – 8″، أرسلت للبحث عن الناجين، إلا أنها تحطمت هي الأخرى وقتل سبعة أشخاص كانوا على متنها.نجحت هذه المرأة الهولندية في المحافظة على قواها الجسدية والعقلية خلال هذه المحنة القاسية وما بعدها. حدث أن حرمت من دفن خطيبها وذلك لأن السلطات خلطت بين جثث الموتى، وأرسلت جثة الرجل الهولندي إلى السويد حيث تم حرقها. بحزام الأمان الذي حطم قفصه الصدري”.المرأة الهولندية نسيت تماما كيف خرجت من الطائرة. استيقظت ووجدت نفسها بثياب ممزقة مهترئة مستلقية في الخارج على سفح جبل، تحت أشجار كثيفة. تبين لاحقا أن أنيت أصيبت بـ 12 كسرا، وتضرر فكها ورئتاها.تبين فجأة وجود ناج ثان. رجل أعمال فيتنامي حاول على الرغم من إصابته بجروح خطيرة تهدئة روعها قائلا إنه شخصية مهمة جدا، ولا بد أنهم سيبحثون عنه. الرجل فتح بصعوبة حقيبته ورمى إليها ببنطلون. ارتدته أنيتا بصعوبة وهي تغالب أوجاعا رهيبة في ساقيها.بعد ساعات قليلة، لفظ رجل الأعمال الفيتنامي أنفاسه الأخيرة، وبقيت أنيت وحيدة في الأدغال. كان يتناهي إلى مسامعها لفترة من الوقت أنين الجرحى من داخل حطام الطائرة، إلا أن الأنين سرعان ما توقف تماما.