حان وقت السلام وإعطاء الناس الأمل. تكفي هذه الفظائع”، رسالة وجهها منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، مهند هادي بعد زيارة استغرقت يومين لقطاع غزة زار فيها عددا من المناطق والمستشفيات والتقى أشخاصا في الملاجئ “يفتقرون إلى الخدمات الأساسية والطعام”.
وقال المسؤول الأممي لمراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة إن “أولئك الذين لا يموتون بالرصاص أو القنابل، قد يموتون بسبب نقص الرعاية الصحية المناسبة أو نقص الطعام أو مياه الشرب الآمنة”.
تلك الحالة التي آلت إليها الرعاية الصحية في غزة بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، عاينها هادي الذي زار نقطة طبية في مخيم النصيرات وسط غزة. والعيادة المتنقلة ما هي إلا خيمة كما قال أحد العاملين الصحيين الذين التقاهم المسؤول الأممي.
وتحدث العامل الصحي تحديدا عن حالات الولادة، قائلا: “تخيل أن سيدة تلد في خيمة. المستشفى الوحيد الذي يقدم خدمة الولادة في المنطقة في مبنى هو مستشفى ناصر”.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس جنوب غزة، تحدث منسق الشؤون الإنسانية مع العاملين هناك والمرضى والمصابين كبارا وصغارا، وقال له المسؤولون عن المستشفى إنه أصبح بديلا لمستشفى الشفاء – شمال غزة – الذين كان يمثل العمود الفقري للنظام الصحي في القطاع.
وضع يزداد سوءا
وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة بعد جولته في مستشفى ناصر إن “الوضع يزداد سوءا. لقد رأيت القطاع الصحي يتدهور تماما في غزة بأكملها اليوم”.
وأضاف: “رأيت أمهات يجلسن بجوار أطفالهن ويتساءلن عما إذا كان بإمكانهن توفير الأدوية والرعاية الطبية التي يحتاجون إليها. كعامل إنساني وكأب أيضا، أعاني حقا من رؤية هؤلاء الأطفال يمرون بهذه المعاناة لأنه لا يوجد ما يكفي من الأدوية، ولا توجد رعاية طبية كافية”.
وأوضح أنه على الرغم من كل هذا البؤس، فإنه رأى عاملين طبيين مخلصين للغاية، “لم أرهم في أي مكان خلال حياتي المهنية، يبذلون قصارى جهدهم للقيام بأقصى ما في وسعهم بأقل قدر من الموارد المتاحة لهم”. وقال هادي: “رأيت أنواعا مختلفة من المرضى يعانون من الألم دون وجود ما يكفي من الأدوية. يجب أن ينتهي هذا. يشعر الناس هنا وكأنهم ينتظرون الموت”.
وداخل المستشفى، عاين منسق الشؤون الإنسانية حجم الدمار الذي طال مباني المستشفى. وتحدث في وحدة الغسيل الكلوي مع المرضى الذين يأتي بعضهم من مناطق بعيدة من أجل الجلسات، في تحد لظروف استمرار الحرب، وصعوبة التنقل، والدمار الذي لحق بالعديد من الطرق.
افتقار لأبسط المواد
ركز منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة في زيارته التي استمرت يومين على القطاع الصحي. وفي اليوم الثاني كان موجودا في مستشفى الأقصى في دير البلح وسط غزة. وهناك تحدث للصحفيين قائلا إن طاقة المستشفى القصوى قبل الحرب كانت 199 سريرا، لكن هذا العدد تضاعف ليصبح 550 الآن.
وجدد التأكيد على أن “الوضع بشكل عام كارثي. وأن القطاع الصحي يعاني كباقي القطاعات في غزة”. وقال هادي: “استمعت إلى مآسي الناس. رأيت أطفالا مبتورة أطرافهم. وشاهدت معاناة إنسانية شديدة”.
وأشار إلى الافتقار إلى أبسط الأدوات والمستلزمات بما فيها ملاءات الأسرة في المستشفيات وملابس الكوادر الطبية وأدوات التعقيم.
الشابة الفلسطينية التي درست الفنون الجميلة قالت إن صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي باتت تصور المعاناة اليومية لأطفال غزة، بدلا من أخبار الفن والمعارض. شاب آخر في السنة الأخيرة من المرحلة التوجيهية (الثانوية) قال إن حياته “توقفت”، منذ اندلاع الحرب.
وأضاف أن حوالي 100 ألف طالب في المرحلة التوجيهية لم يعودوا قادرين على إكمال حياتهم والتطلع للمستقبل، مشيرا إلى أن زملاءه في الصف الذين انتقلوا إلى مصر “تخرجوا وأكملوا حياتهم، أما أنا فمازالت في نفس المرحلة”.