يستذكر الشعب المغربي غدًا السبت الموافق 11 كانون الثاني الذكرى 81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي تعد حدثا نوعيا في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية. .
وتشكل ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال (11 يناير 1944) حدثا تاريخيا بارزا وراسخا في الذاكرة التاريخية الوطنية، ومناسبة لاستحضار الناشئة والأجيال الجديدة، دلالاتها ومعانيها العميقة وأبعادها الوطنية التي جسدت سمو الوعي الوطني وقوة التحام العرش بالشعب دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
ووقف المغرب عبر تاريخه العريق، بعزم وإصرار في مواجهة أطماع الطامعين، مدافعا عن وجوده ومقوماته وهويته ووحدته، مضحيا بالغالي والنفيس، ولم يدخر جهدا في سبيل صون وحدته الترابية والوطنية، وتحمل جسيم التضحيات في مواجهة المحتل الأجنبي الذي جثم على التراب الوطني منذ بدايات القرن الماضي. فمن الانتفاضات الشعبية إلى خوض المعارك الضارية بالأطلس المتوسط وبالشمال والجنوب، إلى مراحل النضال السياسي كمناهضة ما سمي بالظهير الاستعماري التمييزي في 16 ماي 1930، وتقديم مطالب الشعب المغربي الإصلاحيـة والمستعجلـة في 1934 و1936، ثم تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944.
وشكل تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال آنذاك، حدثا وتحولا نوعيا في طبيعة ومضامين المطالب المغربية بحيث انتقلت من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، مما كان له بالغ الأثر على مسار العلاقات بين سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية وبينها وبين الحركة الوطنية التي كان بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول الراحل الملك محمد الخامس، رائدا لها وموجها وملهما لمسارها.
كما شكل تقديم هذه الوثيقة في سياقها التاريخي والظرفية التي صدرت فيها، ثورة وطنية بكل المعاني والمقاييس عكست وعي المغاربة ونضجهم وأعطت الدليل والبرهان على قدرتهم وإرادتهم للدفاع عن حقوقهم المشـروعة وتدبير شؤونهم بأنفسهم وعدم رضوخهم لإرادة المستعمر.
واليوم، الشعب المغربي يخلد هذه الذكرى الوطنية، ويستحضـر بكل اعتزاز وافتخار، ما يتحقق في عهد الملك محمد السادس، نصـره الله، من إنجازات في مجالات تعزيز البناء الديمقراطي والنهوض بالاقتصاد الوطني والتنمية الشاملة وتوطيد علاقات المغرب الخارجية مع محيطه العربي والإفريقي والدولي، وتعدد شراكاته الخارجية.
ويحق للشعب المغربي أن يفتخر أيضا بالزخم الذي أعطاه جلالته لقضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية، وهو الزخم الذي مكن من استجلاب تأييد دولي واسع للقضية، تمثل في افتتاح أكثر من 30 دولة عربية وإفريقية وأمريكية، من بينها المملكة الأردنية الهاشمية، قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة بالصحراء المغربية، ، فضلا عن تكريس دعم دولي قوي ومؤازرة واضحة لمبادرة المغربية للحكم الذاتي من قبل أغلبية دول العالم من كل القارات، ما يؤكد جدية ومصداقية المقترح المغربي كحل دائم لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
وعلى مستوى العلاقات المغربية الأردنية، لابد من التنويه عاليا بالعلاقات الثنائية بين المملكتين والتي تعود إلى منتصف القرن الماضي، وبما تحظى به من رعاية سامية من طرف صاحبي الجلالة الملك محمد السادس والملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظهما الله، اللذان أعطياها زخما قويا ونقلاها إلى مرحلة الشـراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد وفتحا لها أفاقا جديدة وواعدة.