يطرح الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات سلسلة من الأسئلة العميقة حول المسار الحالي لسياسات وزارة التربية والتعليم، متسائلًا عن جوهر ما يعنيه تنمية قدرات الجيل المعرفية بالنسبة لها. وحث الدكتور عبيدات خلال حديثه لصحيفة “أخبار الأردن”، وزارة التربية والتعليم على إعادة النظر في أهداف البنية المعرفية والتعليمية، فهل نقوم فقط بتلقين الطلبة، أم أننا ننمي عقولًا قادرة على الانخراط في التفكير النقدي العميق… هل نظامنا التعليمي مرتبط بالماضي، أم أنه يعد الطلبة لمواجهة المستقبل. وقال إن الحكمة التقليدية التي تربط التعليم بسوق العمل بشكل وثيق، لم يعد لها مكان، مشيرًا إلى تناقضٍ حرج، فبينما يستوعب سوق العمل في الأردن عددًا كبيرًا من العمال الأجانب بسهولة علمًا أن عددهم يصل إلى نصف مليون عامل، إلا أنه يكافح لدمج خريجي جامعاته البالغ عددهم نحو 50 ألف خريج. وأكد الدكتور عبيدات أن سوق العمل ليست مجرد انعكاس للنتائج التعليمية، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمشهد الاقتصادي الأوسع، فقوة الاقتصاد، وليس نظام التعليم وحده، هي التي تملي القدرة على استيعاب القدرات المؤهلة. وحذّر من أن تقليص دور الجامعات إلى مجرد مراكز تدريب وظيفي هو خطأ فادح، فالتحول السائد بأن التعليم يجب أن يتماشى بشكل مباشر مع احتياجات سوق العمل لم يعد مجدٍ، فهو يحول الجامعات إلى مصانع تنتج عمالًا بدلًا من المفكرين، والمبتكرين، والقياديين. ويرى الدكتور عبيدات أن مهمة الجامعات يجب أن تتجاوز المطالب المباشرة لسوق العمل، فالتعليم يجب أن يركز على تطوير مجموعة واسعة من المهارات والكفاءات التي ستمكن الطلبة من المساهمة بشكلٍ إيجابي في حقول معارفهم ووظائفهم. وفي رأيه، يجب أن تعمل الجامعات كمختبرات للنمو الشخصي والفكري، حيث يتم إعداد الطلبة للتحديات متعددة الأوجه في الحياة، والتي تتراوح من اتخاذ قرارات مستنيرة في حياتهم الشخصية إلى المساهمة بشكل هادف في المجتمع. ويدعو الدكتور عبيدات إلى بناء نموذج تعليمي يدفع التفكير النقدي، ويعزز الفهم العميق للعالم، بدلًا من نموذج يعد الطلبة ببساطة لشغل الأدوار القائمة، متصورًا نظامًا تعليميًا يُمكِّن الطلبة حتى يكونوا قادرين على التكيف والمرونة مع المسارات المتعددة بعد تخرجهم، بدلًا من نظام يحصرهم في مسارات محددة مسبقًا.