لمحة الاخباري _كتبت نسمة تشطة
في صباح الحادي والعشرين من مارس عام 1968، كانت بلدة الكرامة الأردنية على موعد مع واحدة من أعظم المعارك في التاريخ العربي الحديث، معركة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت استعادةً للكرامة الوطنية والثقة بالنفس بعد نكسة 1967. لم يكن الاحتلال الإسرائيلي يتوقع أن يجد أمامه مقاومة شرسة، فقد كان واثقًا من قوته وجبروته، إلا أن ما حدث في ذلك اليوم قلب موازين الصراع وأثبت أن الإرادة الصلبة أقوى من أي آلة عسكرية.
جاءت هذه المعركة في وقت كانت فيه معنويات العرب في أدنى مستوياتها بعد الهزيمة في حرب 1967، حيث اعتقد العدو أن الزمن يعمل لصالحه، وأنه قادر على فرض هيمنته متى شاء. خطط الإسرائيليون لشن هجوم واسع على مواقع المقاومة الفلسطينية في منطقة الكرامة، بهدف القضاء عليها وترسيخ فكرة أن المواجهة معه غير مجدية. إلا أن الجيش الأردني لم يكن مستعدًا للوقوف متفرجًا، بل قرر خوض معركة أظهرت شجاعة الجنود الأردنيين والتفافهم حول وطنهم وكرامتهم.
بدأ الهجوم الإسرائيلي فجرًا، حيث اجتاحت الدبابات والمدفعية والطائرات الحدود الأردنية، متوقعة أن تحقق نصرًا سريعًا. لكن المفاجأة كانت في انتظارهم، إذ واجهوا مقاومة عنيفة غير متوقعة، حيث تصدى الجنود الأردنيون بشجاعة منقطعة النظير، واستخدموا تكتيكات عسكرية أوقعت العدو في مأزق كبير. لم يكن الانتصار الأردني مجرد صدٍّ للهجوم، بل كان ضربة قاسية للاحتلال، حيث تكبدت قواته خسائر كبيرة في المعدات والأرواح، واضطرت إلى الانسحاب مخلفة وراءها دباباتها وسمعتها كقوة لا تُقهر.
هذه المعركة لم تكن مجرد لحظة في التاريخ، بل كانت نقطة تحول، فقد أعادت الثقة إلى الجندي العربي، وأكدت أن النصر ممكن إذا توفرت العزيمة والقيادة الحكيمة. معركة الكرامة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت درسًا للعالم بأن الاحتلال مهما بلغت قوته، لن يستطيع كسر إرادة الشعوب التي تؤمن بحقها في الحرية والكرامة.