صالح الشرّاب العبادي
منذ نشأة الدولة الأردنية، لم يكن الوطن يوماً ساحة للتطرف أو مرتعاً للفوضى ، نشأ الأردن على قيم الأمن، والانتماء، والحرية المسؤولة ، وكان دوماً صامداً أمام العواصف، بفعل وعي قيادته، وتماسك شعبه، ويقظة أجهزته الأمنية التي لم تدخر جهداً في حماية الوطن من الداخل والخارج.
لكن، وكما يعلم الجميع، فإن الاستقرار لا يُرضي أعداء الأمة، ولا يُرضي أولئك الذين يقتاتون على الخراب، والذين لا يرون في الأوطان إلا أرضاً مستباحة لمشاريعهم التخريبية ، وهنا، نعود إلى الحادثة الأخيرة التي كشفتها الأجهزة الأمنية الأردنية، والمتعلقة بضبط خلية إرهابية كانت تستعد لإحداث شر واسع وفوضى شاملة، من خلال مخططات مدعومة خارجياً تهدف إلى زعزعة الجبهة الداخلية.
محاولات مستمرة… ووعي متجدد
لقد ثبت بالدليل أن تلك الخلايا لا تتحرك بشكل عفوي، بل هي أدوات يتم توجيهها من الخارج، وتتلقى دعماً مادياً ولوجستياً ومعلوماتياً من جهات خارجية تسعى لاستغلال أي ثغرة لإدخال البلاد في أتون العنف والتمزق. تتنوع الأهداف، من بث الفتنة الطائفية والعرقية، إلى تشكيل بؤر مسلحة، وإنشاء معسكرات تدريب في أماكن نائية، وتحويل بعض المناطق إلى بيئات حاضنة للتطرف.
لكنهم فشلوا، وسيفشلون، لأن الأردن ليس وطناً هشّاً، ولا دولة رخوة ، فالجبهة الداخلية الأردنية التي تقف خلف قيادتها الحكيمة، وفي مقدمتها جلالة الملك عبدالله الثاني، تعرف تماماً أن الحفاظ على الاستقرار هو معركة وجود، وليس مجرد خيار سياسي.
دروس من التاريخ… وحكمة الدولة
إن التجارب من حولنا، في دول سقطت في فخ “تدويل الأزمات” والانقسام الداخلي، تقدم لنا يومياً الدليل على أن اليقظة الأمنية وحدها لا تكفي، بل إن وعي المواطن، وتحصينه الفكري، وتمسكه بهويته، هي السلاح الأهم.
في الأردن، لعبت الأجهزة الأمنية دوراً استباقياً فاعلاً، حيث لم تنتظر وقوع الفعل الإرهابي، بل وأدته في مهده، وقد جاءت العملية الأخيرة لتؤكد أن هناك من يسهر، ويتابع، ويقدم التضحيات حتى يبقى هذا الوطن آمناً مطمئناً.
ما المطلوب من الشعب الأردني اليوم؟
1.الالتفاف حول القيادة الهاشمية: لأن وحدة الصف الوطني خلف الراية الهاشمية هي صمّام الأمان.
2.الثقة بالمؤسسات الأمنية: فهي الدرع الواقي، وهي من كشفت وأحبطت عشرات المحاولات قبل أن تُعلن.
3.محاربة الإشاعة والمعلومات المغلوطة: التي تُستخدم كأداة تمهيدية لنشر الفوضى.
4.تعزيز الثقافة الوطنية والفكر المعتدل: عبر الإعلام، والمساجد، والمدارس، والجامعات، لتجفيف منابع التطرف.
5.التحذير من أي نشاط مشبوه: سواء في العالم الواقعي أو عبر المنصات الرقمية، والتبليغ عنه فوراً.
- الوعي الأمني المجتمعي والاجتماعي والانتباه الكامل لما يدور او يحدث او يشتبه به والتكاتف والتلاحم ورص الصفوف وتوحيد المواقف وعدم الانسياق وراء الشائعات وما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي والإبلاغ عن اي اشتباه او تحركات مشبوهة فوراً .
ختاماً…
إن الأردن ليس وطناً قابلاً للقسمة، ولا ساحةً مفتوحة للمليشيات، ولا بيئة حاضنة للتطرف. الأردن هو نموذج للدولة المستقرة في إقليم مضطرب ، وسيبقى كذلك، بإذن الله، وبوعي شعبه، ووفاء أبنائه، ويقظة من يدافعون عن أمنه ليل نهار.
ولتعلم تلك الجهات الخارجية، ومن يعمل معها، أن الأردن أقوى من أن يُخترق، وأصلب من أن يُهز.