في تصعيد سياسي حاد يعكس انقسامًا متزايدًا داخل المجتمع الأميركي بشأن الحرب على غزة، وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هجومًا علنيًا إلى جامعة هارفارد، مهددًا إياها بعقوبات فدرالية قاسية في حال لم تتخذ “إجراءات صارمة” ضد الطلبة والمنظمات الطلابية التي نظّمت مظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين في غزة.
ترامب، الذي يسعى للعودة إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، قال في منشور عبر منصته “تروث سوشال” إن ما يجري في الجامعات الأميركية “عار على البلاد”، مؤكدًا أن “هارفارد باتت بؤرة لتفشي الفكر المتطرف”، حسب تعبيره. وأضاف:”لن نسمح بتحويل جامعاتنا إلى منصات للدعاية الإرهابية… إما أن تفرض هارفارد الانضباط، أو نتحرك لوقف الدعم المالي الحكومي عنها.
خلال الأسبوع الماضي، شهدت الجامعة واحدة من أكبر المظاهرات الطلابية دعمًا لغزة منذ بداية الحرب، حيث احتشد مئات الطلاب داخل الحرم الجامعي، رافعين لافتات تندد بالعدوان الإسرائيلي، ومطالبين الإدارة بإدانة الانتهاكات المستمرة ضد المدنيين.
كما طالبت اتحادات طلابية بقطع العلاقات البحثية والمالية مع مؤسسات متهمة بدعم الاحتلال الإسرائيلي.
بينما التزمت إدارة جامعة هارفارد الصمت ولم تصدر بيانًا رسميًا حتى الآن، اعتبرت شخصيات أكاديمية ومحامون متخصصون في حرية التعبير أن تصريحات ترامب تشكل تهديدًا خطيرًا لاستقلالية الجامعات وحرية التعبير، أحد أبرز أسس الديمقراطية الأميركية.”ما يفعله ترامب ليس فقط تهديدًا لهارفارد، بل تهديد لكل من يؤمن بحرية الرأي وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال.”
في المقابل، أيّد بعض الجمهوريين البارزين موقف ترامب، واعتبروا أن “الجامعات أصبحت ملاذًا آمنًا للكراهية ضد إسرائيل”.
منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة، خرجت عشرات الجامعات الأميركية بمظاهرات حاشدة. من نيويورك إلى كاليفورنيا، رفع الطلبة أصواتهم مطالبين بإنهاء الدعم الأميركي لإسرائيل، وداعين لتطبيق العدالة الدولية تجاه الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين.
في المقابل، تواجه هذه التحركات حملة منظمة لتكميم الأفواه من قبل بعض المؤسسات المؤيدة لإسرائيل، إضافة إلى ضغوط سياسية تهدد استقلالية التعليم العالي في الولايات المتحدة.
مع تزايد الاحتقان السياسي في البلاد واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الجامعات الأميركية قد أصبحت ساحات مواجهة بين تيارات متصارعة حول قضايا محلية ودولية، أبرزها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومع تهديد ترامب الصريح، تبقى الأنظار مركّزة على رد فعل جامعة هارفارد، وعلى مدى قدرة الأوساط الأكاديمية في الصمود أمام الضغوط السياسية المتزايدة.