لمحة الاخباري _ديما الفاعوري
«أنا لا أنظر من ثقب الباب إلى وطني ولكن أنظر من قلب مثقوب.»
بهذه الكلمات العميقة لمعالي الدكتور خالد الكركي ندخل إلى لبّ الأزمة التي تعصف بأمن الأردن واستقراره، حين تُعتبر المملكة ساحةً لتصفية حسابات سياسية وللمزاودة على الوحدة والوطنية، بل وللعب على الوتر الحساس باستغلال عواطف الناس والترويج بأن التدخل هو دفاع عن غزة وفلسطين!
لقد أثبتت الأيام أن أجهزة المخابرات والقوات المسلحة الأردنية، بفطنتها ويقظتها، أفشلت مخططات هدفها زعزعة تماسك المجتمع وأمنه. لكنّ المعيب أن تجد من يستغل هذه النجاحات ليبرّر أجنداتٍ مشبوهة ترمي إلى جرّ الأردن إلى مربع الفوضى. ألا يكفينا ما قدمناه من تضحيات لفلسطين، عروبةً وإنسانيةً؟! كيف تـُروج حملةٌ مفبركة أن صواريخ متواضعة المدى (لا تتجاوز ثلاثة كيلومترات) تصبغ فعلنا الوطني بالعدوانية؟ كفى من اللعب على التشويه والتضليل!
من أفتى لهذه الجماعات الظلامية بأن تعرّض أمننا للخطر؟ ففي جلسة نيابية أمس، اعتبر نائبٌ برلمانيٌّ أن جماعة الإخوان المسلمين وأذرعها السياسية ليست دعوية إصلاحية، بل «مشروعٌ تخريبيٌّ مشبوه يخدم أجندات خارجية ويغذي التطرف والانقسام.» ولم يكتفِ بذلك، بل طالب بتصنيفها تنظيمًا محظورًا قانونًا، وتجميد أموالها، وتحقيق في مصادر تمويلها، وتجَميد عضوية كل نائب يحمل فكرها في المجلس.
وفي ذات السياق، أكد نائبٌ آخر أن «الوطن خطٌ أحمر» وأن من يظنّ أنّ بالإمكان المساس بوحدتنا وأمننا عليه أن يعيد حساباته أمام يقظة شعبٍ يقف خلف قيادته وحكمته الهاشمية. كما حذر نائبٌ ثالث من «شرذمةٍ ضالة تسعى لنشر الخراب»، مشيرًا إلى أنهم يتسللون في الظلام لتجنيد ضعاف النفوس، لكن الأردن وأجهزته الأمنية لن يفرطا في صموده.
كل هذه التحذيرات تصبّ في خانة واحدة: لا بدّ من حظر جماعة الإخوان المسلمين رسميًا، وتجميد عضوية نوابها في البرلمان، حفاظًا على أمن الوطن واستعادة ثقة الشعب بمؤسساته. كما لا بدّ من تشديد الرقابة على الخطاب السياسي، ومنع استغلال الدين والعواطف في اللعب بمقدرات الأردنيين.
إنّ أمن الأردن لم يُبنَ على عبث التصريحات أو تزيين الشعارات، بل على وحدة شعبٍ وطنيٍّ يتنفس ولاءً لوطنه وقيادته. وقبل أن نسمح لأي كان بأن يعبث بأمننا أو يزاود على مشاعرنا، وجب علينا أن نوضح معالم الطريق: ممنوعٌ أن يكون الأردن ساحة للاختبارات السياسية العابرة، وممنوعٌ أكثر أن يتحوّل الوطن إلى ورقةٍ تُبادل في أسواق الأجندات الخارجية. وما لم يُحظر تنظيم الإخوان وتُجمّد عضوية نوابه، سيبقى الشكّ يطلّ علينا من قلب مثقوبٍ كما قال الكركي، لا من ثقب الباب.. حمى الله الأردن من كل مكروه.