تحاول الدولة الأردنية منذ سنوات، تحديث منظوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مرورًا بالوظيفية والتكنولوجية، إلّا أنّ تحديث هذه المنظومات احتاج إلى سنواتٍ كثيرة، مما جعل التحديث يحتاج إلى تحديث جديد، ولئن كانت بعض الخطوات ملموسة وظاهرة للعيان، إلّا أنّ عملية التحديث لا يمكن تجزئتها، بحيث يتم تحديث وتطوير قطاع دون الالتفات إلى القطاعات الأخرى الموازية لذلك القطاع، فمثلًا، بعض الشركات الأردنية، هي التي قامت بتحويل بعض الحكومات العربية إلى ما يسمى بـ (الحكومة الالكترونية)، وعلى الرغم من محاولة تطبيق هذه التجربة في الأردن، إلّا أنّ الخطوات ما زالت بطيئة جدًا، ولعلّ مردّ ذلك يعود إلى الحاجة إلى تطوير مهارات الموظف الأردني، وتمتين وتوسيع البنية التحتية لمثل هكذا تحوّل، إضافة إلى تمكين المواطن من الحصول على الخدمة الحكومية بسهولة ويسر.
في الجانب السياسي، تسعى الدولة الأردنية إلى تحديث المنظومة السياسية، من خلال التشجيع على إنشاء الأحزاب والانخراط فيها، واستحداث كوتا خاصة بها في مجلس النوّاب القادم، إلّا أنّ ثقة المواطن بهذه الأحزاب ما تزال ضعيفة جدا لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقال، كما أنّ كثرة (الكوتات) تؤثر سلبًا على التمثيل الحقيقي للشارع الأردني، وتؤثر جبرًا على أداء القادم عبر (الكوتا) لناحية انحيازه إلى ناخبيه حصرًا.
في الجانب الآخر، فإنّ على الدولة الأردنية أن تأخذ بمسارات الخطوط المتوازية لضمان نجاح منظومة التحديث والتطوير الشاملة، فالتحديث السياسي والاقتصادي يجب أن يرافقه رفع منسوب الثقافة، والاهتمام بالوعي الجمعي في دولة ترتكز أساسًا على الموارد والكوادر البشرية، وأن يترافق التعليم مع خطة ثقافية مدروسة، تستند إلى القيم الأخلاقية المجتمعية، التي تشكّل قاعدة صلبة يمكن البناء عليها لتكون أساسًا لمنظومة التحديث، تمامًا كما في التجربة اليابانية أو الصينية.
من دون الخطوط المتوازية في التحديث الشامل، فإنّ معظم ما يتم العمل عليه قد يذهب أدراج الرياح، أو كما نقول عنه في المثل الشعبي (مِثل حراث الجِمال)، أو في أحسن الحالات كلّما تم تحديث منظومة بهذا البطء الشديد، فإنّ التحديث سيحتاج كل عدة سنوات إلى تحديث جديد، دون أن نجد التحديث الذي يناسب مجتمعنا ويلائمه، ويجعله متماشيًا مع التطور العالمي المتلاحق.
- المحامي أكرم الزعبي/ رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق.