تعهّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إطلاق حوار وطني مع كل الأحزاب السياسية والطاقات الحيّة بمن فيها الشباب، إضافة إلى الناشطين في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وذلك في خطاب ألقاه عقب أدائه اليمين الدستورية رئيساً لولاية ثانية، وبهدف “التخطيط معاً لمسيرة البلاد تجسيداً للديموقراطية الحقيقية التي تمنح السيادة لمن يستحقها، لا ديموقراطية الشعارات”.
ولقي الخطاب صدى إيجابياً واسعاً في الداخل الجزائري، فيما شبهه بعضهم بسلسلة الحوارات الوطنية التي جرت خلال الولاية الأولى للرئيس تبون. غير أن المعطيات تختلف هذه المرة باعتبار أن الوضع عموماً مختلف مقارنة بما كانت عليه الحال في 2020، بخاصة على المستويات الداخلية والإقليمية والخارجية، بحسب مراقبين.
حكومة كفوءة وانتخابات نيابية مبكرة
وقال النائب الطاهر بن علي، إن الحوار الوطني الذي دعا إليه تبون “يمكن أن يكون مغزاه تشكيل الحكومة عبر استشارات مكثّفة لتمنح الوزارات لشخصيات سياسية كفوءة وقادرة على تقديم الإضافة اللازمة للعمل الحكومي الميداني على وجه الخصوص، وتجسيد البرنامج الرئاسي الذي وُعِد به الشعب”.
وأكد بن علي، في حديث إلى “النهار العربي”، أنّ من المحتمل أن يرتكز الحوار الوطني على إمكانية “إجراء انتخابات نيابية وبلدية مبكرة”، مضيفاً أن “الحوار إجراء طبيعي ومن الضروري أن يؤتي ثماراً تنفع البلاد والمواطنين وتكرّس الديموقراطية”.
الملحوظ على مستوى الحريات العامة في البلاد، يقول بن علي إنّ المنتظر من هذا الحوار “تكريس فتح المجال أمام الحريات، بخاصة حرية الإعلام والحريات الفردية”، كاشفاً أنّ الحديث الذي جمع تبون مع المرشَّحَين لانتخابات الرئاسة الماضية عبد العالي حساني ويوسف أوشيش، عقب أدائه اليمين الدستورية، كان بشأن هذه النقطة بالتحديد.
الحوار الوطني ليس مجرد نقاش سياسي
“هي خطوة إيجابية نحو إشراك جميع الأطياف في بناء جزائر أقوى وأكثر شمولاً”، تقول منسقة “مؤسسة شباب الجزائر” آسيا قرناح لـ”النهار العربي”، مضيفة أن دعوة الطاقات الشبانية أيضاً للانضمام إلى الحوار الوطني تمثل “فرصة مهمّة للشباب للمشاركة الفعّالة في صوغ مستقبل البلاد، وتعكس اعترافاً بدورهم المحوري في التنمية والمستقبل، فهُم العمود الفقري للمجتمع ودورهم أساسي في الابتكار والتحول الرقمي والتكيف مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لذا فإن وجودهم في طليعة هذا الحوار يعزز من فرص تحقيق إصلاحات شاملة تلبي حاجات البلاد المستقبلية”.
وأكدت أن الحوار الوطني يمكن أن يكون “لبنة صلبة للتقارب بين الأجيال المختلفة، فوجود الشباب مع الطبقات السياسية الأقدم في نقاش مفتوح يمكن أن يخلق نوعاً من التكامل في الأفكار والخبرات بما يخدم البلاد حاضراً ومستقبلاً”.
قرناح
ورأت قرناح أن فتح باب لحوار وطني جامع أمام جميع الأطراف السياسية والمجتمع المدني والشباب وكل الطاقات والكفاءات “يوفّر منبراً للتعبير عن تطلعاتهم ومخاوفهم وتقديم الحلول الممكنة للتحديات التي تواجههم”.
وأعربت الناشطة الاجتماعية الجزائرية عن اعتقادها بأن الحوار الوطني الذي دعا إليه تبون “يمكن أن يولّد فرصاً حقيقية للشباب، سواء من خلال إصلاحات اقتصادية تخلق وظائف جديدة، أم من خلال تحسينات في قطاع التعليم والتدريب، ما يعزز من فرصهم في سوق العمل”.
وختمت قرناح قائلة: “في النهاية، الحوار الوطني ليس مجرد نقاش سياسي، إنه خطوة عملية نحو بناء مستقبل أفضل للبلاد وللشباب بخاصة، يشملهم في الحلول ويُعطيهم الفرصة ليكونوا قادة التغيير الذي يسعون إليه”.