لمحة الاخباري _بقلم ياسمين الخلايلة
فِيْ قَلْبِ الأُمَّةِ، تَقِفُ غَزَّة وَلُبْنَان كَالجِبَالِ الرَّاسِخَةِ فِيْ وَجْهِ العَدُوِّ الغَاشِمِ، كَأَشْجَارِ الزَّيْتُونِ لا تَنْكَسِرُ مَهِمَا هَبَّتْ عَلَيْهِمَا رِيْحُ العَدَاوَةِ، غَزَّة تِلْكَ البُقْعَةُ المُبَارَكَةُ، الَّتِي تَرْتَوِي بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ، وَتُرْوَى حِكَايَاتُ بُطُولاتِهَا فِيْ كُلِّ زِقَاقٍ وَشِارِعٍ، شَعْبُهَا يُوَاجِهُ الجَّبَرُوتَ بِصُدُورٍعَارِيَةٍ وَإِرَادَةٍ لا تُقْهَر، يُقَاوِمُونَ الحِصَارَ وَالظُّلْمَ وَالتَّسَلُّطَ وَالاحتِلَالَ، بِكَرَامَةٍ وَشَجَاعَةٍ تَتَلألأُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فِيْ ظُلُمَاتِ اللَّيلِ.
يَقِفُونَ فِيْ مُوَاجَهَةِ الاستِبْدَادِ وَالتَّعَسُّفِ والإِضطِهَادِ، يُعانِقُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَحَبُّوهَا، يُدَافِعُونَ عَنْ كُلِّ حَجَرٍ وَبَيْتٍ؛ فَهَذَا إِرْثُ الأَجْدَادِ وَأمَانَةٌ للأَحْفَادِ، غَزَّة بزَيْتُونِهَا الشَّامِخِ، وَبِسُهُولِهَا وَجِبَالِهَا، تُقَاوِمُ كُلَّ مَنْ يُحَاوِلَ أَنْ يَنْتَهِكَ سِيَادَتَهَا، أَو يَغْتَصِبَ أَرْضَهَا وَتُرَابَهَا وَكَرَامَتَهَا، وَتَصْرُخُ فِيْ وَجْهِ المُعْتَدِي وَتُسْمِعُ العَالَمَ أَجْمَع: لَنْ نَرْكَعَ، لَنْ نَخْضَعَ، لَنْ نَسْقُطَ، وَلَنْ نُهْزَمَ.
فِيْ خِضَمِّ هَذِهِ المَعْرَكَةِ الضَّارِيَةِ، يَبْرُزُ حِصْنُ الأُمَّةِ المَنِيْعِ، وَالقَلْبُ النَّابِضُ بِحُبِّ فِلِسْطِيْنَ وَالعُرُوبَةَ وَالإِسْلامَ؛ لِيَقِفَ يَدًا بِيَدٍ مَعَ أشِقَّاءِهِ فِيْ وَجْهِ الطُّغَاةِ، وَوَجْهِ هَذَا العَدُو الغَاشِمِ، الأُرْدُنُ يَقِفُ دَائِمًا فِيْ مُقَدِّمَةِ المُدَافِعِيْنَ عَنْ القَضَايَا العَرَبِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ لِفِلِسْطِينَ وَالقَضِيَّةِ الفِلِسْطِيْنِيَّةِ يَوْمًا مُجَرَّدُ كَلِمَاتٍ، بَلْ هُوَ مَوقِفٌ يَتَرَسَّخُ فِيْ وِجْدَانِ كُلِّ أُرْدُنِيٍّ، وَهُوَ التِزَامٌ لا يَتَزَعْزَعُ تَحْتَ أَيِّ ظَرْفٍ، فَفِي كُلِّ لَحْظَةٍ يُسْمَعُ فِيْهَا أَنِيْنُ الأَرْضِ فِيْ غَزَّةَ العِزَّةَ أَو فِيْ أَيِّ بَلَدٍ عَرَبِيٍّ، فِيْ كُلِّ مَرَّةٍ يَتَصَاعَدُ فِيْهَا الدُّخَانُ فِيْ غَزَّةَ العِزَّةَ أَو أَيٍّ مِنْ أَرَاضِي الضَّادِ، تَهُبُّ أَرضُ النَّشَامَى خَلْفَ قِيَادَتِهَا لِرَفْعِ الظُّلْمَ وَالضَّيْمَ والغَشْمَ، وَرَفْعِ رَايَةَ الحَقِّ وَالعَدْلِ.
إِنَّنَا اليَوْمَ وَبِاسْمِ كُلِّ أُرْدُنِيٍّ وَنَشْمِيٍّ نَقُوْلُ: إِنَّ الأُرْدُنَ كَمَا كَانَ دَائِمًا وَأَبَدًا، الحُضْنُ الدَّافِئُ، الَّذِي يَحْتَضِنُ قَضَايَا الأُمَّةِ، وَيُدَافِعُ عَنْ كَرَامَتِهَا مَهْمَا كَانَتْ التَّحَدِّيَات، فَلَنْ يَنْسَى مَادَامَ هُنَاكَ شَعْبٌ حُرٌ، وَجَيْشٌ يَحْمِي، وَقِيَادَةٌ هَاشِمِيَّةٌ تُدَافِعُ عَنْ قَضَايَا العُرُوبَةِ بِكُلِّ صِدْقٍ وَوَفَاءٍ.
اللّهُمَّ اِجْعَلْ الأُرْدُنَ كَمَا عَهِدْنَاهُ دَومًا فِيْ مُقَدِمَةِ مَنْ يَحْمِلُونَ رَايَةَ الحَقِّ، وَشُعْلَةَ العَدْلِ، نَاصِرًا لِقَضَايَا الأُمَّةِ، مُدَافِعًا عَنْ مَسْرَى نَبِيِّهِ ﷺ، وَعَنْ كُلِّ أَرْضٍ وُلِدَة مِنْ رَحْمِ العُرُوبَةِ، اللّهُمَّ اِحفَظ هَذَا الوَطَنَ الَّذِي امتَزَجَتْ رِمَالُهُ بِشُمُوخِ التَّارِيْخِ وَامتَدَّتْ جُذُورَهُ فِيْ عُمْقِ الكَرَامِةِ وَالعِزَّةِ، وَاجْعَل فِيْ قُلُوبِ أَهلِهِ عَزِيْمَةً لا تَلِين، وَنَصْرًا قَرِيْبًا لأَهْلِ غَزَّةَ يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى قُدْرَتِكَ الَّتِي لا تُغْلَب، اللّهُمَّ اِجْعَل السَّمَاءَ تُمْطِرُ خَيْرًا عَلَى أَرْضِهِم، وَتَزْرَعَ الأَمَلَ فِيْ قُلُوبِهِم، وَكُنْ لَهُمْ نُورًا وَسَنَدًا فِيْ أَوْقَاتِ الشِّدَةِ، وَعِزًّا وَفَخْرًا فِيْ أَوْقَاتِ النَّصْرِ، اللّهُمَّ إَنَّ أَيْدِيْهِمْ تُرْفَعُ إِلَيْكَ بِالدُّعَاءِ، فَاجْعَلْهَا تَرْفَعُ رَايَةَ النَّصْرِ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، وَاِمْنَحْهُمْ يَا رَبُّ مِنْ صَبْرِ عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ أَيُوب، وَمِنْ قُوَّةِ عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ دَاوُود، وَمِنْ إِيْمَانِ أَنْبِيَاءِكَ عَلِيْهِم السَّلام، وَمِنْ يَقِيْنِ سَيِّدِ الخَلْقِ نَبِيَّنَا وَحَبِيْبِنَا مُحَمَّدٌ بِنْ عَبْدِاللّه ﷺ مَا يُثَبِّتُ أَقْدَامَهُم، وَيُبَدِّلَ خَوْفَهُم أَمْنًا.