لمحة الاخباري _ عدنان قازان
كيف أتغزل بالشتاء، وطفولة غزة تختبئ تحت الخيام؟ أطفالها يقتسمون البرد والجوع، تحاصرهم الحرب من كل جانب، وتسرق من أعينهم أحلام الدفء، في كل قطرة مطر حكاية ألم، وفي كل ريح عاصفة صوت استغاثة.
في تلك الخيام، تتوارى الطفولة خلف ستائر الحزن، لكن الأمل لا يرحل، ترى الأطفال يجمعون بقايا الحياة من بين الركام؛ لعبة مكسورة تصبح كنزًا، وابتسامة صغيرة تنتزعها براءة لم تنطفئ بعد، خلف كل جدارٍ خيمة، حكايةٌ أمّ تحاول أن تصنع وجبة من اللاشيء، تغني لأطفالها بصوتٍ مرتجف؛ ليس لتهدهدهم، بل لتغطي صوت القصف.
وفي الليل، عندما يشتد البرد، تختلط دعواتهم مع الرياح، يناجون الله أن يبدل الخيام ببيوتٍ، والحصار بحياةٍ كريمة، أطفال غزة لا يعرفون الاستسلام، ففي عيونهم وطنٌ لا يُحتل، وفي قلوبهم شمسٌ لا تغيب.
لكن العالم هناك بعيدٌ، صامتٌ كأنه أُصيب بالصمم، يرى ولا يتحرك، يسمع ولا يستجيب، كل قطرة مطر تنبئهم بأن الحياة تستمر، لكنهم يتساءلون: إلى متى سيبقى المطر وحده يحمل أمل التغيير؟
غزة قصة إنسانية مكتوبة بالدمع والصمود، وأطفالها هم الشاهد الوحيد على أن الأمل يمكن أن يولد حتى في أحلك الليالي، فكيف أتغزل بالشتاء، ودفء العالم لم يصلهم بعد؟ وكيف أكتب عن جمال المطر، وقطراته لا تحمل لهم سوى البرد والحزن؟