أعربت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية عن ترحيبها بسريان وقف إطلاق النار في غزة، واصفةً إياه بأنه “بصيص أمل” بعد خمسة عشر شهرًا من المعاناة التي تجاوزت حدود التصور الإنساني.
وفي بيان رسمي صدر عن البطريركية المقدسية، شددت الكنيسة الأرثوذكسية على أن وقف إطلاق النار يجب ان يمثل خطوة أولى نحو سلام دائم ومستدام، داعيةً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه معالجة جذور الصراع.
مشيرةً إلى أن وقف إطلاق النار يمثل لحظة للتنفس والتأمل في الفقدان الكبير الذي أصاب غزة.
وشكرت البطريركية كل الدول والجهات التي التفتت لدعم غزة طيلة فترة ألمها ومعاناتها، وعلى رأسهم الأردن الذي لم يتوقف يوما عن إرسال الدعم المادي والطبي والانساني، وإلى كوادر الجيش الأردني الطبية في مستشفيات غزة، وأبناء سلاح الجو الذين حلقوا في سماء غزة رغم المخاطر لإنزال المساعدات الأغاثية، وللقائد الحكيم الذي ترأس هذا الدعم ووجه أنظار العالم الى غزة، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الوصي الشرعي الأمين على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وعلى القضية الإنسانية الفلسطينة العادلة، التي يحملها في كافة المحافل الدولية سعيا لسلام الحقيقي، وإلى أبناء الشعب الأردني الذين قدموا كل ما يستطيعون لدعم أهل غزة، وما زالوا حتى اليوم يغدقون العطاء المكلل بالمحبة.
وأضافت أن الواجب المسيحي لا يقتصر على الابتهاج بوقف إطلاق النار، بل يتطلب التزامًا أخلاقيًا وروحيًا بالسعي لتحقيق سلام حقيقي يعكس العدالة ويصون الكرامة الإنسانية.
وأوضحت البطريركية المقدسية أن تأثير الحرب الكارثي لم يكن محصورًا في الدمار المادي، بل امتد ليترك جرحًا عميقًا في الضمير الإنساني العالمي. واستشهدت بكلمات الرسول بولس: “إن كان عضو واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه” (كورنثوس الأولى 12:26)، مؤكدةً أن معاناة غزة تمثل ألمًا انسانياً مشتركًا يستدعي العمل الجماعي لإعادة إحياء مبادئ العدالة والرحمة، مع احترام القيمة الإلهية لكل إنسان.
وشددت بطريركية القدس على ضرورة ألا يُعتبر وقف إطلاق النار نهايةً للصراع، بل بدايةً لطريق يهدف إلى بناء جسر نحو حل عادل ودائم يحترم قدسية الحياة وحقوق جميع أبناء الله. ودعت المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي تدّعي الدفاع عن النظام القانوني الدولي، إلى مراجعة دورها ومساهمتها في حل النزاع، محذرةً من أن التغاضي عن جذور الصراع يقوض المبادئ التي يقوم عليها النظام العالمي برمته.
كما وجهت البطريركية تحية تقدير إلى جميع الذين أظهروا شجاعة استثنائية خلال فترة الحرب، وخصت بالذكر أولئك الذين خاطروا بحياتهم لإطعام الجوعى وإيواء المشردين، مشيرةً إلى أنهم جسدوا أسمى قيم التضامن الإنساني.
مؤكدةً أن كلمات الأنجيل المقدس تُلزمنا بالعمل على إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق وإعادة بناء ما دمرته الحرب. مشيرة إلى أن إعادة الإعمار المادي وحده لا يكفي، بل يجب أن يترافق مع بناء الثقة وترميم الأمل والاعتراف بحقوق اهل غزة في العدالة والكرامة.