تحتفل أوكرانيا بيوم الوحدة، إذ يعد يعد 22 يناير بالنسبة لجميع الأوكرانيين تاريخًا مجيدًا ومأساويًا في نفس الوقت. في مثل هذا اليوم، ظهرت أوكرانيا على الخريطة السياسية للعالم ككيان مستقل بعد إعلان الجمهورية الشعبية الأوكرانية عام 1918. وبعد عام واحد بالضبط، تحقق الحلم الأبدي للأوكرانيين – الحلم الذي سعى و عاش ومات من أجله خيرة أبناء أوكرانيا. تم توحيد الأجزاء المتناثرة والمنفصلة لأوكرانيا في دولة واحدة. في 22 يناير 1919، تم التوقيع على وثيقة توحيد جمهورية أوكرانيا الشعبية وجمهورية أوكرانيا الشعبية الغربية.
يحمل هذا الحدث المعنى الأساسي لتشكيل الدولة الأوكرانية. وهو يدحض تماما الدعاية الروسية، التي تزعم كذبا أن ستالين وحد الأراضي الأوكرانية لأول مرة في عام 1939. وتميز شهر يناير أيضا بمعركة كروتي البطولية في عام 1918، عندما تمكن الوطنيون الأوكرانيون من إيقاف العدو المتفوق عدديا والأفضل تسليحا – روسيا السوفييتية – والدفاع عن الاستقلال.
فقد أظهرت التجارب التاريخية المأساوية بشكل مقنع عدم جدوى لأي محاولات لتقسيم الشعب الأوكراني وتحريضه على بعضهم البعض. فقد ساعدت فكرة الوحدة لأوكرانيين على النجاة من الحروب، وتحمل القمع والإبادة الجماعية، والاستمرار في نضالهم.
واليوم، يستمر النضال. فقد يسفك الأوكرانيون دماءهم ويضحون بحياتهم من أجل حماية استقلالهم وسلامة أراضيهم من الغزاة الروس. إنهم يتمسكون بشدة بمُثُل الحرية، ويقاومون المعتدي الذي يسعى إلى محو أوكرانيا من خريطة العالم وتحويل شعبها إلى معروضات في المتاحف ككائنات منقرضة أو مجرد هوامش في كتب التاريخ.
الوحدة لا تتعلق فقط بالأراضي، بل هي العلاقة الروحية بين جميع الأوكرانيين، بغض النظر عن أصلهم العرقي، أو دينهم، أو آرائهم السياسية، أو موقعهم. إنه الالتزام المشترك بين جميع الأوكرانيين بالحفاظ على سيادة أوكرانيا واستقلالها. إنه الرابط الذي يوحد أبناء وبنات أوكرانيا عبر المسافات والحدود والعقبات، مما يجعل قلوبهم تنبض في انسجام تام من أجل مصير وطنهم الأم.
وتنعكس الوحدة أيضًا في كرم الأوكرانيين الذين يفتحون أبواب منازلهم ويوفرون المأوى لمواطنيهم النازحين من المناطق التي مزقتها الحرب. إنها الصلة بين أولئك الذين يقاتلون في ساحة المعركة وأولئك الذين يدعمونهم من خلال العمل والمساعدات الإنسانية والمناصرة. إنهم الأمهات والأطفال الأوكرانيون الذين فقدوا منازلهم ويطلبون الآن اللجوء في الخارج. إنهم الملايين للجالية الأوكرانية الذين على الرغم من إقامتهم خارج أوكرانيا لم ينسوا أصولهم ويساهمون بنشاط في المقاومة – حيث يقومون بجمع وتوصيل الإمدادات الأساسية، والضغط على الحكومات الأجنبية، ويضمنون ألا ينسى العالم العدوان العسكري الروسي واسع النطاق ضد أوكرانيا.
وتتجسد الوحدة أيضًا في الأوكرانيين الذين تركوا وظائفهم ذا الأجر الجيد ودراساتهم في جامعات مرموقة ومشهورة عالميًا للاستجابة لنداء الواجب، وعادوا من الزوايا البعيدة للعالم للدفاع عن وطنهم ضد المعتدي الروسي الوحشي.
وتمتد هذه الوحدة إلى الأوكرانيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الروسي المؤقت. ولم تنسهم الدولة الأوكرانية. يناضل الدبلوماسيون والمحامون والناشطون الأوكرانيون، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، من أجل حماية حقوقهم وهم يعانون من المشقة والانتهاكات والعديد من جرائم الحرب – بما في ذلك القتل والاغتصاب والاختطاف والتعذيب والمجاعة القسرية.
كما تشمل الوحدة الأطفال الأوكرانيين الذين يعانون تحت الاحتلال الروسي. يواصل نظام الكرملين سياسته الإجرامية المتمثلة في النقل والترحيل القسري للأطفال الأوكرانيين ، وعرقلة إعادتهم إلى وطنهم ولم شملهم مع أسرهم. منذ 24 فبراير 2022، تم نقل أكثر من 19546 طفلًا قسرًا إلى روسيا، حسبما أكد مكتب المدعي العام الأوكراني. وبعد ترحيلهم، ترتكب السلطات الروسية المزيد من الأعمال غير القانونية، مثل تغيير جنسيتهم، ووضعهم في عائلات روسية، ومنعهم من مغادرة روسيا. تم وضع ما لا يقل عن 380 طفلاً أوكرانيًا تحت ما يسمى “الوصاية المؤقتة” (التبني بشكل غير قانوني) في روسيا. ويلعب المسؤولون الروس دورًا نشطًا في حملة الإبادة الجماعية هذه، حيث يقومون بقطع علاقات الأطفال بأوكرانيا ومحو ذكرياتهم عن وطنهم.
وفي الأراضي المحتلة، يواجه الأطفال الأوكرانيون قيودًا تعليمية شديدة. يُمنعون من الوصول إلى الموارد التعليمية الأوكرانية، ويتعرضون للدعاية، ويُحرمون من الأدب الأوكراني. وبدلاً من ذلك، يتم تسليحهم وتلقينهم قسرا، بهدف محو هويتهم الثقافية والعرقية وإعدادهم للقتال ضد بلدهم.
فقد أسفرت وحدة الأوكرانيين بالفعل عن نتائج مهمة. فبعد 1063 يوماً من الغزو الشامل، فشل الكرملين في احتلال أوكرانيا أو تحقيق نجاح استراتيجي في ساحة المعركة.
بالنسبة للأوكرانيين، الوحدة هو أمر وجودي. إنهم يدركون أنه فقط من خلال الوحدة والوقوف معًا يمكنهم البقاء أقوياء، وتحمل كل التحديات، وتأمين مستقبلهم.