لمحة الاخباري _بقلم د. بسام روبين
تعتبر وزارة الخارجية في أي دولة عصبا لتلك الدولة تربطها بباقي دول العالم وتدير علاقاتها معها ، والخارجية الأمريكية لها وضع مختلف كون أمريكا دولة عظمى تهيمن على هذا العالم ومن المفترض أن يتم إختيار شخص وزير الخارجية من قبل الرئيس المنتخب وفقا لمواصفات وشروط لا لبس ولا إجتهاد فيها بحيث لا يصدر عنه أي خطأ ولو بشكل غير مقصود فوزير الخارجية هو شخص يعمل بإمرة الرئيس الأمريكي وينفذ أوامره حرفيا ولا يمتلك أي هامش من المناورات للإلتفاف على ما صدر من الرئيس من أوامر واجبة التنفيذ إرضاءا للآخرين ، وقد كشف طوفان الأقصى عيوب مخرجات وزير الخارجية بلينكن وكان آخرها فشله بالتفاوض مع نتنياهو بخصوص وقف الحرب على غزة مما دفع بالرئيس الأمريكي بمحاولة ترقيع أخطاء بلينكن والإتصال بنتنياهو لإستدارك ما يمكن تداركه وتصويب مسار التفاوض الذي حرفه بلينكن حتى أن السيدة كامالا هاريس دخلت على الخط بقوة وتحدثت مع نتنياهو بطريقة أخشن مما إعتاد سماعه من السيد بايدن الرئيس الضعيف الذي أصبحت قراراته رهينة بيد نتنياهو يفرج عنها متى شاء ويحتجزها كيفما شاء ،ويفترض بوزير الخارجية الأمريكي أن يكون قويا بمستوى قوة الإستخبارات الأمريكية والجيش الأمريكي فهو يستمد قوته من هذه الدولة الأقوى في العالم ،ولكن السيد بلينكن الذي كان يظهر قويا عند بعض الدول نراه ضعيفا عندما يجلس أمام نتنياهو ،فيتناسى الأوامر الصادره له من بايدن وربما أصبح يتعمد ذلك مؤخرا حيث وجد أمامه رئيسا كبيرا في السن وضعيفا فلا يخشى من أي قرارات إرتدادية صعبة ،وربما إكتشف ذلك منذ الساعات الأولى لطوفان الأقصى عندما ذهب لزيارة إسرائيل وأعلن وجوده هناك كيهودي وكانت هذه لحظة فارقة في الدبلوماسية الأمريكية حين سجلت إنحيازا واضحا للمتطرفين الصهاينة وخلعا للعباءة الأمريكية منتقصا من دور وقيمة ومكانة وعظمة الدبلوماسية الأمريكية.
وكنا نتوقع ان يتم إستدعاء بلينكن وتوجيهه نظرا لحجم هفوته الدبلوماسية ومن الإرتدادات التي سببها ضعف الرئيس الأمريكي ما ورد في بعض الصحف الأمريكيه من ان ترامب إستثمر هذا الضعف واتصل بنتنياهو وحثه على عدم التفاعل مع مبادرة بايدن لوقف إطلاق النار لإضعاف موقف كامالا هاريس في الإنتخابات مرشحة الحزب الديموقراطي وهذه مخالفة صريحة لمواد القانون الأمريكي ويمكن بموجبها مقاضاة السيد ترامب إن صح ذلك الخبر لذلك إستشعرت السيدة كامالا هاريس هذا الخطر ،وهذا الضعف الذي يهيمن على الرئيس المسن ،فقررت تحييد هؤلاء الأشخاص وفي مقدمتهم بلينكن ووزير الدفاع من حكومتها إذا كتب لها الفوز بعدما لاحظت أنهم أساءوا بشكل مباشر إلى مستقبل الرئيس لتطرفهم وإنحيازهم للمتطرفين الصهاينة وتخليهم عن القيم الأمريكية وتقزيم مكانة أمريكا بين دول العالم وإشعال الحروب بأشكال غير مدروسة ولا محسوبة العواقب.
وربما ينجح بايدن في تدارك لجم بلينكن ولكن في الوقت الضائع فلم يعد بمقدوره فعل الكثير ،المهم أن تنتبه الدولة العميقة في أمريكا لوزير الخارجية القادم بحيث لا يكون على شاكلة بلينكن ليحافظ على القيم الأمريكية وعلى العدالة الأمريكية وعلى حقوق الإنسان ويتمسك في الديموقراطيه بعيدا عن إزدواجية المعايير حتى تعود أمريكا لسابق عهدها قبل أن تبدأ بفقدان حلفائها الإستراتيجيين وذهابهم إلى معسكر الدول الصاعدة حيث ظهرت أكثر مصداقية وحفاظا على حلفائها.
العميد المتقاعد الدكتور
بسام روبين