إن تحديد ما سيدرسه الطالب في الجامعة بعد التعب والجهد ليس بالأمرالسهل، لأن هذا القرارالذي سوف يتخذه الطالب في كثير من الأحيان يمكن أن يشكل مستقبله لاحقاً، ومع وجود العديد من الخيارات المتاحة، فإنه من الضروري أن يعطي الطالب اختياراته دراسة وافية ومتأنية. وهنا يكمن دورالأهل وأصحاب الإختصاص في تقديم الدعم واعطاء النصائح للابناء وتهيئتهم في اختيار التخصص الجامعي المناسب.
و في الواقع، يوجد العديد من الأسئلة المتعلقة بهذا الأمر، ومن أبرزها: ما الذي يتوجب على الأهل فعله لمساعدة ابناءهم لإختيار التخصص الجامعي المناسب؟ وما هي اهتمامات الطالب وميوله وما هي نقاط قوته الأكاديمية؟ وما هي متطلبات سوق العمل خلال السنوات المقبلة؟ ان هناك العديد من الإعتبارات التي يجب معرفتها من قِبل الأهل والطلاب قبل اختيار التخصص الجامعي ومن أهمها:
أولأً: أن يكون الأهل متفهمين لقدرات ابناءهم ورغباتهم ومراعين للفروق الفردية وعدم المقارنة بين ابناءهم والتعامل مع كل ابن كحالة خاصة، وعلى الأهل أيضاً توعية الأبناء بنقاط قوتهم وضعفهم والموازنة بين النظرة الإجتماعية للتخصص الذي يفضلونه لإبناءهم وبين فرص العمل المتاحة لهذه التخصصات.
ثانياً: إن اختيار ما سيدرسه الطالب بعد المدرسة يُعتبر تحديّاً له ،حيث انه من الطبيعي تمامًا أن يشعرالطالب بالتوتروالإرهاق قليلاً بسبب الخيارات المتاحة امامه، ولكن المفتاح هو قبول التحدي والتعامل معه بعقلية استباقية وأن يتذكرالطالب أن اتخاذ قرار مستنير بشأن ما سيدرسه سيضعه على الطريق الصحيح لمستقبل مُرضي في مهنة مجزية. وهذا ما يقود الطالب الى أهمية جمع المعلومات حول التخصص الذي يرغب بدراسته في الجامعة، ويكون ذلك عن طريق مواقع الجامعات على الإنترنت، أو من خلال المرشدين الأكاديمين، كما يمكن سؤال الطلاب السابقين وخاصة مَن هم في السنوات الأخيرة من الدراسة عن طبيعة التخصص ومستقبله، وليس عن رأيهم بالتخصص؛ سهلٌ أم صعبٌ، بالإضافة إلى أنّه يمكن البحث عن خريجي التخصص وسؤالهم عن الوظائف التي يمكن ممارستها بعد التخرج، وبذلك سوف تكتمل الصورة في ذهن الطالب حول أفضل التخصصات المناسبة له، ومن خلالها يمكن تحديد الرغبة في التخصص الذي يريد الطالب أن يلتحق به.
ثالثاً: يجب أن تكون اهتمامات الطالب وفهم نقاط قوته الأكاديمية أساسية في توجيه عملية اتخاذ القرار. وبالتالي على الطالب أن يأخذ وقتًا كافياً للنظر داخل نفسه والتفكيربشكل جديّ وعقلاني في ما يثير اهتمامه وما الذي يجيده و يتفوق به بشكل طبيعي. وعليه أن يفكر في المواد التي حازت على إهتمامه في المدرسة الثانوية لأنه من الممكن أن يساعد هذا الأمر في إتجاه ما يمكن دراسته و يمكن أن يساعد في تضييق نطاق اختياراته.
رابعاً: : يجب على الطالب قبل اختيار تخصصه الجامعي أن يُراعي الفرص المتاحة بسوق العمل، إذ أنّ مراعاة سوق العمل من أهم الأمور التي يجب التفكير بها قبل اختيار التخصص الجامعي، فلا يُعقل أن يُحبّ الطالب تخصصاً، ويتفوّق به ثمّ لا يجد له فرصة في سوق العمل، إذ أثبتت الكثير من الدراسات على مستوى العالم أنّ 80 بالمئة من الموظفين لا يعملون في مجال دراستهم ولا تمت تخصصاتهم الجامعية بوظيفتهم، وذلك بسبب سوء اختيار التخصص المناسب.
خامساً: الرغبة، يجب على الطالب أن يسأل نفسه ماذا يريد أن يُصبح بعد عشر سنواتٍ من الان، ثمّ التفكير بالإجابة جيداً وبعُمق، وبعدها يُفضل كتابة ثلاثة اوأربعة تخصصات مرتبة حسب أهميتها بالنسبة له، ويجب الانتباه هنا إلى أنّه عند اختيار الطالب لرغباته؛ يجب أن تكون مبنيّة بعيداً عن رغبات الوالدين، أو تماشياً مع اختيارات بعض الأصدقاء.
و أخيراً، يجب تجنب نظرة المجتمع السلبية وعدم أخذ الإعتبارات الإجتماعية لبعض التخصصات والتي قد تؤثرسلبياًعلى اختيارات الطالب في إختيار التخصص الجامعي، بالتأكيد أراء الأسرة والمجتمع مهمة عندما تكون ايجابية ويمكن أن تؤثرعلى ما نختاره للدراسة، ولكن في النهايه الكرة في ملعب الطالب الواعي، فعليه أن يغتنم الفرصة لتشكيل تعليمه بطريقة تتناسب مع قدراته وامكانياته وشخصيته، وأن يتذكر دائما أن وقته في الجامعة هو فرصة للتعرف على نفسه وصقل شخصيته وبناء قدراته وأن يتأكد من أن اختياراته تتوافق مع قيمه وأهدافه، وتتوافق أيضًا بشكل جيد مع مساره الوظيفي المحتمل.