كنت قد بدأت الحديث في أجزاء سابقة من هذه الدراسة عن الرؤية الملكية حول مبدأ سيادة القانون وأهميته، وفي هذا الجزء أنهي الحديث عن الموضوع وأتناول فيه رؤية جلالة الملك بأن سيادة القانون عماد الدولة المدنية وسيادة القانون أساس الإدارة الحصيفة، بعد ذلك أبين الرؤية الملكية حول الآثار المترتبة على الإخلال بمبدأ سيادة القانون.
عاشراً: سيادة القانون عماد الدولة المدنية
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الدولة المدنية، وقد حدث لغط كبير حول مفهوم هذه الدولة، ومن الواضح أنه ناتج عن قصور في إدراك مكوناتها وبنائها. إن الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة؛ وهي دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة أن تتغول على الأخرى، وهي دولة ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك وتمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر، وهي دولة تحافظ وتحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية، وهي دولة تحمي الحقوق وتضمن الحريات حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات، وهي دولة يلجأ لها المواطنون في حال انتهاك حقوقهم، وهي دولة تكفل الحرية الدينية لمواطنيها وتكرس التسامح وخطاب المحبة واحترام الآخر وتحفظ حقوق المرأة كما تحفظ حقوق الأقليات.
إن هذه المبادئ تشكل جوهر الدولة المدنية، فهي ليست مرادفا للدولة العلمانية، فالدين في الدولة المدنية عامل أساسي في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية، وهو جزء لا يتجزأ من دستورنا. ولا يمكن أن نسمح لأحد أن يستغل أو يوظف الدين لتحقيق مصالح وأهداف سياسية أو خدمة مصالح فئوية.
ولنا أسوة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما كتب ميثاق صحيفة المدينة عند هجرته إلى المدينة المنورة من أجل تنظيم العلاقة بين جميع الطوائف والجماعات فيها، ومنها المسلمون واليهود والمهاجرون والأنصار. وقد اعتبره الكثيرون إنجازا هاما للدولة الإسلامية ومعلما رئيسيا في تاريخها السياسي، كما ينظر الكثيرون إلى ميثاق صحيفة المدينة على أنه أول دستور مدني في التاريخ، حيث اعتمد على مبدأ المواطنة الكاملة، فقد ساوى بين المسلمين وغير المسلمين من حيث الحقوق والواجبات تحت حماية الدولة مقابل دفاعهم عنها. وقد شمل الميثاق محاور عدة أهمها: التعايش السلمي والأمن المجتمعي بين جميع أفراد المدينة، والمساواة بينهم جميعا فيما يتعلق بمبدأ المواطنة الكاملة من حيث المشاركة الفاعلة في مجالات الحياة المتعددة، واحترام وحماية حرية الاعتقاد وممارسته، والتكافل الاجتماعي بين فصائل الشعب، وحماية أهل الذمة والأقليات غير المسلمة، والنصح والبر بين المسلمين وأهل الكتاب، وغيرها.
وجملة القول أن الدولة المدنية هي دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر، وتُحدد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري.
ونحن سنبقى ملتزمين بالقيم التي عُرف بها هذا الوطن منذ نشأته ولن نحيد عنها أبدا؛ فهذه القيم ميزت هذا الشعب بمختلف أطيافه، وهي قيم السلام والاعتدال والوسطية، وقيم المساواة والحرية والتعددية وقيم الرحمة والتعاضد وقبول الآخر، وقيم المثابرة والانفتاح والمواطنة الصالحة؛ فهذه خصائص ورثناها وأصبحت من شيم الأردنيين وسنزرعها في قلوب أبنائنا إن شاء الله.”
مما تقدم يتبين لنا الرؤية المتقدمة لجلالة الملك باعتبار سيادة القانون عماد وأساس الدولة المدنية وتالياً أهم المبادئ التي تشكل جوهر الدولة المدنية:
- الدولة المدنية دولة تحتكم للدستور والتشريعات النافذة والتي يتم تطبيقها على الجميع دون محاباة على اعتبار أن القواعد القانونية قواعد عامة ومجردة.
- الدولة المدنية دولة مؤسسات تطبق مبدأ الفصل بين السلطات وأنه لا يسمح لسلطة بالتغول على غيرها من السلطات.
- الدولة المدنية دولة تركز على السلام والتسامح والعيش المشترك وتحترم التعددية والرأي الآخر.
- الدولة المدنية دولة تحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية.
- الدولة المدنية تحمي الحقوق وتضمن الحريات حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات.
- الدولة المدنية تكفل الحرية الدينية لمواطنيها وتكرس التسامح وخطاب المحبة وتحفظ حقوق المرأة.
حادي عشر: سيادة القانون أساس الإدارة الحصيفة
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. وكما ذكرت، فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون. فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها. فلا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وذلك بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والشفافية؛ هذه المبادئ السامية التي قامت من أجلها وجاءت بها نهضتنا العربية الكبرى التي نحتفل بذكراها المئوية هذا العام.
ولا يؤتي الإصلاح السياسي ثماره المرجوة إلا بوجود نهج واضح وفعال لتحقيق مبدأ سيادة القانون؛ فما حققناه من خطوات جيدة على مسار الإصلاح السياسي بدءاً من التعديلات الدستورية لعام 2011، وما تبعها من تشريعات ناظمة للعمل السياسي، وعلى رأسها قانون الانتخاب واللامركزية، يجب أن تتماشى مع إصلاح إداري جذري وعميق يهدف إلى تعزيز سيادة القانون، وتطوير الإدارة، وتحديث الإجراءات، وإفساح المجال للقيادات الإدارية القادرة على الإنجاز وإحداث التغيير الضروري والملح، ليتقدم صف جديد من الكفاءات إلى مواقع الإدارة يتمتع بالرؤية المطلوبة والقدرة على خدمة المواطن بإخلاص.
وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن هناك جهودا حكومية متعددة ومؤسسات مختلفة تعمل على ضمان إدارة حصيفة للدولة الأردنية، كما أن هناك جهودا وطنية جامعة بُذلت لتحقيق وتعزيز هذا الهدف السامي ومنها: اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، التي قامت بوضع ميثاق لمنظومة النزاهة الوطنية وخطة تنفيذية لها تبين الجهات المسؤولة والإطار الزمني للتنفيذ. كما تم تشكيل لجنة ملكية لمتابعة العمل وتقييم الإنجاز لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، والتي أوصت بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تضم تحت مظلتها هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم، وذلك لتوحيد وتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة.
ولكن، لم يرتقِ مستوى الأداء والإنجاز في الجهاز الإداري خلال السنوات الأخيرة لما نطمح إلى تحقيقه ولما يستحقه شعبنا العزيز. وعليه، لا بد من تضافر الجهود من مختلف مؤسسات الدولة لتطوير عمليات الإدارة فيها وإرساء مفهوم سيادة القانون، ضمن مسيرة تخضع عمل المؤسسات والأفراد للمراجعة والتقييم والتطوير بشكل دوري للوصول إلى أعلى المستويات التي نتطلع إليها.
إن مبدأ سيادة القانون جاء ليحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية، من خلال ممارسات حقيقية على أرض الواقع. ولا يمكن لأي إدارة أن تتابع مسيرتها الإصلاحية وترفع من مستوى أدائها وكفاءتها دون تبني سيادة القانون كنهج ثابت وركن أساسي للإدارة.
إن التطبيق الدقيق لمواد القانون يعد من المتطلبات الضرورية لأي عملية تحول ديمقراطي ناجحة. كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار.
لذا، تشترك الحكومة وأجهزة الدولة كافة في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات، فمؤسسة البرلمان تمارس دورها في التشريع والرقابة، والقضاء المستقل النزيه والأجهزة الأمنية مناط بها تطبيق القانون، ليطمئن المواطن بأنه يستظل بسيادة القانون الذي يحميه ويحمي أبناءه دون تمييز أينما كان في ربوع هذا الوطن العزيز. وهذا يتطلب بالضرورة تطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو تساهل وعلى المسؤول قبل المواطن، كما يجب أن يستند إلى تشريعات واضحة وشفافة، وإدارة حصيفة وكفؤة.
إن التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها. كما أن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة.
إن تطوير الإدارة الحكومية مسيرة مستمرة تخضع لمراجعة وتقييم دائمين. وعليه، يجب تحديد مواطن الخلل والقصور والاعتراف بها للعمل على معالجتها، وإرساء وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة كمبدأ أساسي في عمل وأداء مؤسساتنا وفي جميع طبقات ومراحل الإدارة الحكومية، بحيث يكافأ الموظف على إنجازه ويساءل ويحاسب على تقصيره وإهماله. كما يجب تحقيق تنمية شاملة مستدامة تشمل جميع القطاعات وتضمن توزيع عوائد التنمية على أنحاء المملكة كافة بشكل عادل.”
ولضمان سيادة القانون، لا بد من وجود آليات رقابة فعّالة متمثلة بأجهزة الحكومة الرقابية كوحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات، وديوان المحاسبة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وبالبرلمان ودوره الرقابي الدستوري الفاعل الذي يضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الأول، وبالقضاء الذي يختص بالنظر في الطعون والتظلمات المقدمة على قرارات الإدارة العامة والشكاوى المتعلقة بقضايا الفساد المختلفة. وبالنسبة لهذه الأذرع الرقابية، إضافة إلى المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب اللتين تضطلعان بدور هام في مجال تعزيز سيادة القانون، يجب العمل على تطويرها باستمرار من خلال تبني الأدوات المتطورة، بما يضمن الفعالية والسرعة، ومعالجة جوانب القصور في عملها سواء التشريعية أو الفنية، الأمر الذي يعزز من ثقة المواطن في مؤسسات الدولة ويحول دون لجوء البعض لإجراءات وحلول فردية غير قانونية تنتقص من سيادة القانون.”
مما تقدم يتبين لنا الرؤية الملكية حول اعتبار سيادة القانون أساس الإدارة الحصيفة ويستند جلالته في ذلك إلى ما يلي:
- مبدأ سيادة القانون يعني خضوع سلطات الدولة ومؤسساتها ومواطنيها وكافة المخاطبين بأحكام القانون لحكم القانون.
- التزام كافة المؤسسات والأشخاص بحماية وتعزيز سيادة القانون فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة.
- تحقيق التنمية المستدامة يحتاج لتعزيز مبدأ سيادة القانون.
- الإصلاح السياسي لا يتحقق إلا بوجود نهج واضح وفعال لتحقيق مبدأ سيادة القانون.
- تقوم الحكومة بجهود وطنية لضمان إدارة حصيفة للدولة الأردنية وقد تم تشكيل اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية والتي أوصت بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
- رفع مستوى الإنجاز والأداء في الجهاز الإداري يحتاج لتظافر الجهود من مختلف مؤسسات الدولة لتطوير عمليات الإدارة وإرساء مفهوم سيادة القانون.
- تطوير الإدارة الحكومية مسيرة مستمرة تخضع لمراجعة وتقييم دائمين ويجب إرساء وتفعيل مبدأ المساءلة.
ثاني عشر: الآثار المترتبة على الإخلال بمبدأ سيادة القانون
يرى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه بأن هناك جملة من الآثار التي تترتب على الإخلال بمبدأ سيادة القانون لعل أبرزها قيام ممارسات مؤلمة تقع على المجتمع الأردني ويسيء هذا الإخلال للمواطنين الأردنيين وأن الإخلال بمبدأ سيادة القانون من حيث التواني في تطبيق القانون يضيع الحقوق ويضعف الثقة في أجهزة الدولة وأن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة يشجع البعض على انتهاك القانون، ولا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن نقر بالواسطة وأن القبول بالواسطة والمحسوبية والولاءات الفرعية والممارسات التي تقوض أسس العمل العام تحبط الشباب المتميز الكفؤ، وأن الواسطة والمحسوبية في تعيين المناصب العليا تحرم مؤسسات الوطن من الكفاءات.
أ. الإخلال بسيادة القانون يترتب عليه ممارسات مؤلمة
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” وكم يؤلمني ويغضبني أن أرى طفلة تموت في أحضان والدها في عرس أو احتفال تطلق فيه نيران الأسلحة، أو أم تودع ابنها دون أن تعلم أنه لن يعود بسبب سائق لم يحترم القانون، أو طالب متفوق فقد فرصته لعدم تطبيق سيادة القانون، أو مجرم ينعم بالحرية دون مساءلة، وغيرها من أمثلة تمسنا جميعاً وتمس حقوقنا وتفرق بيننا.
وعندما أرى اليوم الحالة المروعة والمحزنة للعديد من الدول في منطقتنا، أجد من الواضح أن غياب سيادة القانون والتطبيق العادل له كان عاملا رئيسيا في الوصول إلى الحالة التي نشهدها.”
ب. الإخلال بمبدأ سيادة القانون يسيء للأردنيين وكرامة الأردنيين خط احمر عندي أسمى وأقدس من أن يمسها أحد بسوء.
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي الأول لدولة السيد سمير الرفاعي بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2009: ” وإن حق المواطن وكرامته خط أحمر، وكرامة الأردنيين عندي أسمى وأقدس من أن يمسها أحد بسوء. وقد ساء الأردنيين جميعا بعض مظاهر العنف والاعتداء على المواطن والمعلم والموظف والطبيب. وهذا أمر مرفوض بكل الأحوال. ولذلك فيجب تفعيل القوانين وتطبيقها على الجميع بمنتهى العدالة والحزم. فالأردنيون سواسية أمام القانون، ومتساوون في الحقوق والواجبات.”
ج. التواني في تطبيق القانون يضيع الحقوق ويضعف الثقة في أجهزة الدولة.
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” إن التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها. كما أن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة.”
د. تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة يشجع البعض على انتهاك القانون.
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” ان تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة.”
هـ. لا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن نقر بالواسطة والممارسات التي تقوض اسس العمل العام وتحبط الشباب المتميز والكفؤ.
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” لا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن لا نقرّ بأن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضوية للمجتمعات، ليس فقط بكونها عائقا يحول دون النهوض بالوطن، بل ممارسات تنخر بما تم إنجازه وبناؤه وذلك بتقويضها لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وقيم المواطنة الصالحة وهي الأساس لتطور أي مجتمع.
ولا يمكن لنا أن نقبل أو نغض الطرف عن هذه الممارسات التي تقوِّض أسس العمل العام في خدمة مواطنينا، ولا يمكن أن نجعل من هذه الممارسات وسيلة نحبط بها الشباب المتميز والكفؤ، أو نزرع فيه قناعة بأن مستقبله، منذ إنهائه لدراسته الثانوية وخلال دراسته الجامعية وحتى انخراطه بسوق العمل، مرتبط بقدرته على توظيف الواسطة والمحسوبية لتحقيق طموحه. فأي جيل يمكن أن يحمي سيادة القانون أو أن يدير مؤسساتنا وقد ترسخت الولاءات الفرعية فيه على حساب وطنه؟ وهنا، لا بد من نظرة شمولية لموضوع الشباب، ووضع استراتيجية هادفة وحقيقية تتضمن برامج متطورة يجمع عليها أصحاب الخبرة والمؤسسات الفاعلة في هذا المجال لترسيخ مبادئ المواطنة ودولة القانون وحب الوطن، وتمكين الشباب سياسيا واقتصاديا لتحقيق إمكانياته وتطوير وتوسعة أفقه، بالإضافة إلى توفير المنعة له من الأفكار الظلامية المنحرفة.
و. الواسطة والمحسوبية في تعيين المناصب العليا تحرم مؤسسات الوطن من الكفاءات.
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية” بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: ” كما يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق إليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة بعض الممارسات بهذا الخصوص، والتي أرى فيها تجاوزا على مؤسساتنا وإثقالا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء وتجريدا وحرمانا لها من الكفاءات والقيادات التي تساهم بالارتقاء بها والنهوض بعملها في خدمة الوطن والمواطن. وهنا، لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات.”