لمحة الاخباري _بقلم الأديب م. عدنان قازان
الأردن منذ تأسيسه، لم يكن مجرد وطن يعيش فيه الناس تحت لواء واحد، بل كان حصنًا للأمة العربية، ومنارةً لقيم السيادة والاستقلال، ويجب أن نتذكر دائمًا أن الحرية في التعبير عن الآراء والمواقف داخل الأردن ليست فقط حقًا مقدسًا، بل هي واجب وطني، شريطة أن تظل متسقة مع المصالح العليا للدولة، وأن لا تتعارض مع الأمن الوطني الذي هو أساس استقرارنا ووجودنا.
اليوم، في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، لا يمكن السماح لأي حزب أو جماعة بالتصرف بطريقة تتنافى مع المصالح الوطنية، لا مكان في الأردن للمزايدة على مواقف الدولة والشعب، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية الأردنية.
الأردن لم يكتفِ يومًا بمواقف رمزية تجاه القضية الفلسطينية، بل كان دائمًا في قلب المعركة الدبلوماسية والسياسية من أجل حقوق الفلسطينيين، في ظل القيادة الهاشمية الرشيدة، كان صوت الأردن حاضرًا في كل محفل دولي للدفاع عن فلسطين، ليس فقط لكونها قضية عربية، بل لأنها قضية عادلة لا يجوز لأحد أن ينحرف عن دعمها.
أي محاولة للمزايدة على مواقف الأردن أو التشكيك في نواياه تعد خيانة لهذا الواجب الوطني، القيادة الأردنية لم تكن يومًا بحاجة إلى شعارات فارغة أو ادعاءات بطولية لتحقيق أهدافها، وكل ما فعلته وتفعله ينبع من التزام أخلاقي وإنساني وقومي وديني تجاه فلسطين وأهلها، وهذا الالتزام ليس محل تفاوض ولا تساهل.
في السنوات الأخيرة، تبدو جماعة الإخوان المسلمين وكأنها تتجه إلى منحنى مغاير لمواقفها السابقة، حيث أظهرت توجهًا يتعارض مع المصالح العليا للأردن، لقد خلقت هذه الجماعة لنفسها أوهامًا بأنها تسيطر على الشارع وتملك شرعية مطلقة بناءً على نتائج انتخابية أو شعبية محلية، هذه النظرة الضيقة قد تقودها إلى مسار خطر يُعرّض استقرار الأردن للخطر.
لكن ما يجب أن تدركه هذه الجماعة، هو أن الانخراط في العمل السياسي لا يعني التسلط على الدولة أو التفرد بالقرار، بل هو مشاركة في حماية المصلحة العامة ضمن إطار وطني شامل، وإن الانزلاق إلى أجندات مشبوهة أو السير على درب الفصائل المسلحة لن يؤدي إلا إلى تدمير ما بُني على مدار عقود من الاستقرار والأمان.
الأمن الأردني ليس مجرد حماية حدود أو مؤسسات، بل هو عمق استراتيجي لأمن المواطن في حياته اليومية، بفضل هذا الأمن، يعيش المواطن الأردني في ظل دولة تحمي حرياته وتضمن استقراره، لا يمكن السماح لأي طرف بأن يُعرّض هذا الأمن للخطر، سواء من خلال تبني خطابات تحريضية أو السير على درب المغامرات السياسية والعسكرية التي تهدد استقرار الأردن.
على جماعة الإخوان المسلمين أن تدرك أن الطريق الذي تسير فيه الآن لن يؤدي إلا إلى عواقب وخيمة، وإن التغريد خارج السرب الوطني لن يكسبها شيئًا سوى المزيد من العزلة، ويجب عليها أن تعود إلى حضن الوطن، وأن تتبنى أجندة وطنية واضحة تُعلي من شأن الأردن فوق كل اعتبار، هذه الجماعة إذا أرادت البقاء جزءًا من النسيج الوطني، فعليها أن تتخلى عن أوهام القوة والسيطرة، وأن تعود إلى طاولة الحوار والتعاون من أجل حماية استقرار الأردن.
لا وقت للأجندات الخاصة أو الرهانات الخارجية، الأردن يقف في قلب معركة الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية لفلسطين، وعلى الجميع أن يدرك أن حماية هذا الوطن يأتي قبل أي شيء آخر.
ختامًا، يجب أن يكون واضحًا للجميع أن أمن الأردن وسيادته هما الأساس الذي يقوم عليه مستقبلنا، ولا يمكن السماح لأي طرف بأن يُعرّض هذا الأمن للخطر تحت أي ذريعة، وإننا نقف اليوم على أرضية صلبة، وعلينا جميعًا أن نكون حراسًا لهذا الوطن، وأن نعمل بجدية لحماية مصالحه العليا في ظل القيادة الهاشمية الرشيدة.