لمحة الاخباري _عرين الشرفات
منذ بداية الصراع السوري في عام 2011، تصدّر الأردن المشهد كأحد أبرز الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وتحمل مسؤولية كبيرة في أحلك الأوقات، مما يعكس روح التضامن الإنساني والتزامه بالقيم الإنسانية. ومع تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في بعض المناطق السورية، تجاوز دور الأردن الاستضافة إلى تسهيل العودة الطوعية للاجئين إلى وطنهم، من خلال تنظيم آليات دقيقة وفتح المعابر الحدودية. بهذا الشكل، أصبح الأردن جسرًا يربط اللاجئين بوطنهم، مشكلاً شعاع أمل للآلاف الذين يرغبون في استعادة حياتهم في وطنهم.
بعد تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا عقب ديسمبر 2024، شهد الأردن زيادة ملحوظة في عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. وفقًا لوزارة الداخلية الأردنية، غادر أكثر من 52,000 سوري عبر معبر جابر الحدودي، وكان حوالي 7,000 منهم قد عادوا في الأسابيع الأولى بعد تحسن الأوضاع الأمنية، فيما وصل العدد الإجمالي للعائدين إلى أكثر من 20,000 لاجئ في الأشهر التالية، مما يدل على الإقبال الكبير على العودة إلى سوريا بعد سنوات من اللجوء في الأردن.
الإجراءات العملية التي اتخذتها الحكومة الأردنية لتسهيل عودة اللاجئين السوريين:
- إعادة فتح معبر جابر-نوي الحدودي: يعد معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا الشريان الرئيسي الذي اختاره العديد من اللاجئين للعودة إلى ديارهم. عملت السلطات الأردنية على تطوير المعبر وإعادة تشغيله بما يضمن تسريع الإجراءات وتسهيل حركة المرور، مع تخصيص مسارات منفصلة لتقليل الازدحام وضمان سلاسة سير العائدين. كما تم تجهيز المعبر بمرافق حديثة لتوفير الراحة للعائدين، وتسهيل الإجراءات من خلال الموظفين المدربين.
- تبسيط الإجراءات القانونية: من أبرز التحديات التي تواجه اللاجئين عند العودة، الأمور القانونية مثل استكمال الوثائق المطلوبة. في هذا الصدد، عملت السلطات الأردنية على إزالة التعقيدات الإدارية التي قد تعرقل عملية العودة. من خلال تبسيط الإجراءات وتقديم الدعم القانوني اللازم، أصبح بإمكان اللاجئين تقديم وثائقهم وإنهاء الإجراءات بسهولة وشفافية، دون فرض أعباء مالية إضافية. تم توفير مكاتب مختصة في المعابر لتقديم المساعدة القانونية والإجابة على استفسارات العائدين.
- الدعم اللوجستي والنقل: قامت الحكومة الأردنية بتوفير وسائل نقل منظمة لنقل اللاجئين من مناطق إقامتهم داخل المملكة إلى الحدود السورية، مع توفير خدمات صحية أساسية أثناء الرحلة. بالإضافة إلى ذلك، تم توفير نقاط استراحة على طول الطريق لتقديم خدمات الطعام والمياه للعائدين. هذه الخطوة تعكس الحس الإنساني الكبير من السلطات الأردنية التي عملت على تسهيل رحلتهم وضمان راحة العائدين.
- التنسيق مع الحكومة السورية والمنظمات الدولية: شكل التعاون بين السلطات الأردنية والحكومة السورية، بالإضافة إلى التنسيق مع المنظمات الإنسانية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عاملًا حاسمًا في نجاح عملية العودة. تم الاتفاق على آليات استقبال العائدين في الجانب السوري، مع ضمان توفير بيئة آمنة لهم بعيدًا عن أي تهديدات محتملة. كما تم ضمان وجود دعم غذائي وصحي للمساعدة في إعادة إدماج العائدين في مجتمعاتهم المحلية.
- التنسيق الأمني وتنظيم الحشود: لضمان سلامة العملية وتجنب أي تهديدات أمنية أو ازدحام في المعابر، قامت السلطات الأردنية بتنسيق الجهود الأمنية بشكل منظم، بما يضمن تدفق العائدين بأمان. تم وضع خطة أمنية شاملة لحماية العائدين وتجنب الازدحام في المعابر الحدودية، حيث تم تنظيم تدفقهم على مراحل ووفقًا لتعليمات السلطات المختصة. هذه الإجراءات أسهمت في سير العملية بشكل آمن ومرن.
ومع استمرار تحسن الأوضاع في سوريا، تظل هذه الجهود الأردنية خطوة أساسية نحو إعادة بناء الوطن والمساهمة في تعزيز الاستقرار الإقليمي. إن التسهيلات التي قدمها الأردن لا تقتصر على دعم العودة الطوعية للاجئين فحسب، بل هي جزء من رؤية أوسع لإرساء الاستقرار في المنطقة، مما يفتح الآفاق أمام السلام والتنمية في المستقبل القريب.