شهدت سوريا في العقد الأخير تحولًا مأساويًا من حلم النهضة إلى كابوس القمع والحروب الطاحنة، مما جعلها تفقد استقرارها وتصبح دولة تعاني من الفوضى وانهيار التنمية. الحرب الأهلية والعقوبات الدولية أضعفت النظام السوري وأدت إلى تدهور الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم. وفي ظل هذه الفوضى، ظهرت شبكات تهريب المخدرات التي أصبحت مصدرًا رئيسيًا لتمويل النظام السابق.
تهريب المخدرات وتأثيره على الأردن
مع تراجع سيطرة النظام السوري على مناطقه الحدودية، تحولت هذه المناطق إلى ممرات سهلة لتجارة المخدرات، وخاصة الحشيش والكبتاجون. وقد أدى ذلك إلى تدفق كبير للمخدرات إلى الأردن عبر حدوده الشمالية، مما أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ارتفعت معدلات الإدمان بين الشباب الأردني، وانتشرت الجرائم المرتبطة بالإدمان، مما زاد من العبء الاقتصادي والاجتماعي على المملكة.
التحديات الأمنية
أصبحت القوات الأردنية في مواجهة مباشرة مع شبكات تهريب منظمة ومسلحة. ونتيجة لذلك، شهدت الحدود الشمالية اشتباكات متكررة مع المهربين، مما دفع القوات الأردنية إلى تعزيز وجودها العسكري على الحدود مع سوريا. تهريب المخدرات أصبح أحد أبرز التهديدات الأمنية للأردن، خاصة مع عدم قدرة السلطات السورية السابقة على السيطرة على الحدود ووقف عمليات التهريب.
التوترات السياسية والإقليمية
ومن الناحية السياسية، شكل تهريب المخدرات نقطة توتر بين الأردن وسوريا، حيث تبادلت الأطراف الاتهامات بشأن مسؤولية ضبط الحدود. كما أثار الوضع ضغوطًا دولية على النظام السوري السابق من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، التي اعتبرت انتشار المخدرات تهديدًا للأمن الإقليمي.
الجهود الأردنية لمكافحة تهريب المخدرات
لم تدخر الأردن جهدًا في مواجهة هذه الظاهرة. عززت المملكة إجراءاتها الأمنية على الحدود ورفعت مستوى التنسيق مع الأجهزة الأمنية العربية والدولية. كما كثفت حملاتها التوعوية في المجتمع للتصدي لخطر المخدرات. إضافة إلى ذلك، بذلت الأردن جهودًا لتعزيز التعاون الأمني مع دول الجوار مثل لبنان والسعودية للحد من تهريب المخدرات.
سقوط النظام السوري وبداية جديدة
بعد سقوط النظام السوري السابق، الذي ارتبط بالقمع والفوضى، برزت حكومة جديدة تسعى إلى استعادة الاستقرار في البلاد. وفي خطوة محورية، بدأت الحكومة الجديدة العمل على تحسين الوضع السياسي والاقتصادي في سوريا، واستعادة السيطرة على الموارد الاقتصادية.
التعاون الأردني السوري الجديد
في يناير 2025، اتفقت الأردن مع الحكومة السورية الجديدة على تعزيز التعاون الأمني لضبط الحدود ومكافحة تهريب المخدرات والإرهاب. وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على أهمية هذه الخطوة في وضع حد لتدفق المخدرات من سوريا إلى الأردن.
أبعاد إقليمية عميقة
لم يكن سقوط النظام السوري حدثًا داخليًا فحسب، بل كان له أبعاد إقليمية كبيرة، أبرزها تأثيره على تجارة المخدرات غير المشروعة. كانت الأردن كدولة مجاورة تدفع ثمن هذه الفوضى، إلا أن التعاون الحالي مع الحكومة السورية الجديدة يفتح آفاقًا لتقليل هذه التحديات والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.